اسم الكتاب : راكناروك: نهاية الآلهة المؤلف: أي . إ س . بايت المترجم: عبد الخالق علــــي خلال مساهمة المؤلفة بايت في سلسلة كانونغيت عن الأساطير والملاحم فإنها تقتبس النبوءة الاسكندينافية (راكناروك) و تحولها إلى نبوءة جديدة.
تبدأ القصص عندما تنطلق الشخصيات في رحلاتها، و تنتهي عند وصولها الى غاياتها او عودتها متعبة إلى أوطانها، لكن ما يهم راوي القصة هو منتصف الرحلة مع كل تعقيداتها في القرون الوسطى – الولاءات المنقسمة، القرارات الصعبة بشأن الطرق التي يسلكونها. الملاحم تعتبر أكثر بساطة و فيها عنصر المفاجئة. إنهم يتجاهلون المنطقة الوسطية و صراعاتها المتداخلة ; نطاقهم هو البداية التي لا نستطيع ان نتذكرها و النهاية التي قد لا نعيش لكي نجربها. كيف نشأ الكون، و من الذي خلقه؟ و كيف سينتهي؟ هل ينتهي بجحيم ام بزمهرير، بطوفان مياه مظلمة، أم بقرار من إله يوقف كل ذلك؟ عندما وافقت بايت على المساهمة في سلسلة كانونغيت عن الأساطير المحدثة، فإنها اختارت المصير النهائي موضوعا لها ; أسطورة راكناروك الاسكندينافية. و هذا ما يدعوه ريتشارد واغنر – في الفصل الأخير من كتابه الحلقة الدائرية – بغسق الآلهة التي تتوقف عن تنظيم الطبيعة و تسمح للكون ان يدمر نفسه. و لأن النبوءة تسيطر على مصير الانسان، فان بايت لم تستطع ان تحذو حذو الكتاب الذين سبقوها في السلسلة الذين اخذوا شخصياتهم من الاساطير و سبروا أغوارهم و أفكارهم: مارغريت آتوود في كتاب (اتباع بنيلوبي ) تسأل لماذا ذبح اوديس خادمات زوجته بنيلوبي، بينما يستقصي ديفيد غروسمان في ( عسل الاسد ) دوافع شمشون في إسقاط المعبد، و الذي يشبهه بالانتحاريين في يومنا هذا. اختارت بايت ان تتعامل مع المقومات العنصرية، و تجسّم الطقس، و أن تقاوم تقمّص و فراسة كاتب الرواية. بعكس سكان جبل اولمب، فان الآلهة الاسكندينافية التي تسببت مشاجراتهم المميتة و حروبهم الانتقامية في جلب " الكارثة النهائية "، لم تكن لهم وجوه أي أنهم لم يكونوا بشرا. برغم الإيجاز، فان كتاب راكناروك عبارة عن ثلاثة كتب في كتاب واحد لا يشبه أي منها الرواية. انه يبدأ كسيرة ذاتية قصصية، حيث تتذكر بايت نفسها بصيغة الشخص الثالث " كطفلة نحيفة " تواجه الأسطورة قبل سبعين عاما. ثم تأتي نسختها الشخصية عن الأسطورة بشكل درامي و شعري. بعد أن حكمت على العالم بالموت، فإنها تبادل الإبداع بالنقد و تنتهي بمقالة عن المصدر القديم و صلته بالوقت الحاضر. رغم أن بايت لا تؤمن بجنة عدن المذكورة في الإنجيل – حيث تعتبرها مجرد حكاية من الخيال – فإنها تبدأ بإحياء الفردوس المفقود. في بداية الحرب تم إجلاء بايت من شفيلد و إرسالها للعيش في الريف القريب. كانت تسرح في الحديقة الواسعة التي تحوي أزهارا ذات أسماء منمقة: الأقحوان، عيون النهار و غيرها، كانت تتعلم أسماءها و هي تشعر بالسعادة. ازدادت معرفتها عندما أهدتها أمها كتابا دينيا يحكي عن الديانة المسيحية التي ترتقي بالروح و تؤكد للبشر أنهم سيلتقون بأحبابهم مرة اخرى في السماء ان لم يكن في الارض. وجدت بايت في الرواية العالمية ( اسكارد و الإلهة ) عنفا كبيرا و نهاية مؤلمة. انكبت عليها اثناء انشغال والديها بعالمهما. كانت الصور و الرؤى تجذب انتباهها، حيث كانت تقضي الساعات محدقة في أخاديد الصخور التي تبدو كعمالقة ذوي اذرع متينة، كما كانت ترى وحوشا مجازية تكمن في ظلال الصور: شجيرة صغيرة على شكل كلب مختبئ، غصن يبدو كلسان ثعبان مميت. بعد ان تعلمت كيف تستحضر هذه المعجزة الصغيرة، تجمعت لديها خبرة مبكرة، خبرة فنان فريد. لهذا السبب أرادت أن تكتب. يمكن للإنسان أن يخلق كائنات خارقة و عمالقة أو حتى آلهة، و أن يصنع عوالم صغيرة تنبعث فيها الروح استجابة لأوامرنا السحرية. حسب كتاب (ايدا الأيسلندية)، فان كوكبنا تكوّن عن طريق حفر جثة العملاق الميت ( يامير ). فصار لحمه أرضا و عظامه جبالا و تحول دمه إلى محيطات و رأسه الأجوف سماءً. تقول بايت ان هدفها هو ان " تكتب أسطورة " و ليس فقط إعادة سرد الأساطير. انه مطلب متكبر و خطير. نصوص واغنر في كتابه (الحلقة الدائرية) كانت تشبه جناس الشعر الاسكندينافي القديم: كان يعتقد أن الأصوات المتكررة في بدايات الكلمات تعطي دافعا لأبياته و لا تغلقها في نهايات كما تفعل القافية. بنفس الشكل، فان نماذج الجناس في أسلوب بايت تجعل أحداث الخرافة مسموعة بوضوح. غالبا ما تجعلك بايت تشعر بدوار البحر، صورها الكلامية تجعل الاشياء الحية تتجسد أمام أعيننا حيث نتمكن من رؤية الطبيعة و هي تنشأ و تترعرع. كان واغنر يثق بالعودة الدورية للحياة بينما لا تقدم لنا بايت ذلك، فالأعاصير مثلا – كذلك الإعصار الذي هد جنوب انكلترا عام 1987 – يحل محلها الجفاف. في رأيها أن بطل الأسطورة هو لوكي، المحتال الذي تحوله إلى خبير بالفوضى و مدمر بسبب مهارته في التحليل. هذا الكتاب المتعدد الأشكال يعرض ال
الإبداع المستنبط من الأساطير و الخرافات
نشر في: 3 أكتوبر, 2011: 06:28 م