اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > هم حكّموه فاستبدّ تحكّماً

هم حكّموه فاستبدّ تحكّماً

نشر في: 3 أكتوبر, 2011: 06:39 م

ماجد الشمري الحاكم العربي القصاب - كما يسميه نزار قباني - لا يمكن أن يتخيل أنّ قطيعه سيتمرد عليه يوماً فيطرده بالركل أو بالنطح أو بالدفرات . فهو دائماً مطرب ثمِل، مستأنس بثناء شعبه وإطرائه له ما دام يمسك بالسلطة والصولجان , وبيده السكين والساطور.
أما جلاوزته الغلاظ الشداد الذين استخدمهم للقتل والذبح فهم قادرون على الدوام على نحر أي كبش يشاكس أو خروف يناطح , وهكذا يصل به الوهم أحياناً أن بإمكانه أن يحبس حتى دعاء المصلين الوادعين من (قطيعه) من الوصول إلى السماء - كما صرح شاه إيران قبل سقوطه بأيام  . أما عميد الحكام العرب , وملك ملوك أفريقيا , وإمام المسلمين - كما سمّى نفسه يوماً وبلا حياء - فإنه كان يتصور أن ترسانته الحربية ورجال جيشه وطياريه سيبقون معه إلى آخر لحظة . وما درى أن الأيام دالت , وإن الفلك دوار , وإن الأوامر صدرت بترحيله بقرار دولي أو محلي لا فرق .  نعم , يمكن أن تكون طاعة الشعب وانصياعه له هما سبب تضخّم هذه الأوهام لديه وتمكّنها منه , أي إن الذل والهوان اللذين زرعهما في نفوس أبناء شعبه , وإنْ تحت بطشه وجبروته هما اللذان يشجعانه على مواصلة استهتاره وطغيانه , ولكن إرادة الشعوب تبقى أقوى من الطغاة، وإنها بالتأكيد لا تسمح ببقاء الذل والهوان مستمرين إلى ما لا نهاية. ففي كل شعب نخبة أو جماعة تأبى الذل وترفض الاستعباد مهما كلف الثمن .المؤلم المؤسف أن ضريبة إقصاء الطاغية تصير مكلفة كلما امتد به الزمن , ولقد ثبت بما لا يقبل الشك أن زواله مستحيل بدون معجزة سماوية أو خارقة أرضية . هكذا كانت قصة فرعون وموسى والبحر , وقصة النمرود وإبراهيم والنار , وقصة الطوفان وقوم نوح , وعيسى ومعجزاته , ومحمد وآياته . أما الحكام العرب , وبعد انتهاء عصر المعجزات فقد جاءتهم (الخوارق) الأرضية عبر دعمٍ خارجي قلَب عاليها سافلها . أو خلاف عائلي لم يكن بالحسبان أو مرض عضال لا شفاء منه , أو حادثٍ مدبّر لا يخطر ببال أحد , أو انقلاب عسكري يقوده صديق القصاب ورفيق دربه وبلا مقدمات . وقد تأتي الخارقة أيضاً عبر شكٍ غير مسبوق بين حليفين لا تنفع في تبديده مواثيق مبرمة أو أقسام غليظة . فتدور الدوائر ويستيقظ الحاكم من سكرة حكمه ليكتشف أن الذي كان يهتف له بالأمس :(بالروح بالدم نفديك يا صدام) يهتف اليوم بأعلى صوته :(كلا كلا يا ظالم) ثم يصرخ بعدها :(ارحل ارحل يا . . . .) وبلا تردد أو تهيب .والذي ينظر إلى ما بات يسمى (ربيع الثورات العربية), يرى اليوم صورة واضحة من صور الخوارق والكوابيس التي لم يكن يتصورها الحكام يوماً بعد أن أمضى معظمهم ثلاثين أو أربعين عاماً في حكم قطعانهم , وهم ثملون مخدّرون . كانوا لا يسمعون إلاّ تصفيق الهتيفة ومدح المداحين , بل لا يسمحون بأن يسمعوا غير ذلك، ولو كلّفهم سماع هذا المديح استبدال آذانهم أو استبدال شعوبهم . ترى هل سيستفيد البدلاء من هذه العبر أم إنهم سينهجون نهج أسلافهم فتدور عليهم الدوائر مرة أخرى ؟! الأهم من ذلك : هل ستستفيد الشعوب مما مرّ عليها وتكفّ عن منهج الثناء اللزج والمديح الكاذب ، أم إنها ستبقى بحاجة لأن تتذكر قول الشاعر : ما كان كسرى إذ طغى في قومه           إلاّ لمـا خُـلقـوا لـه فعّالاهـم حـكّموه فاسـتـبدّ تحكّماً           وهمُ أرادوا أن يصول فصالالكنّ خـفض الأكثرين جناحهم             رفع الملـوك وسوّد الأنذالا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

انخفاض القيمة السوقية لشركات التكنولوجيا العملاقة للشهر الماضي

غوغل تعلن عن ميزات جديدة للخرائط مع Waze

تشكيل تحالف 'المادة 188': رفض واسع لتعديلات قانون الأحوال الشخصية واحتجاج على المساس بالحقوق

 7 نقاط  حول التعامل الفعال مع حالات الأرق

سان جيرمان يقترب من حسم رابع أغلى صفقة في تاريخه

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram