TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث :العراق بلا إرهاب.. هل نصدق؟

في الحدث :العراق بلا إرهاب.. هل نصدق؟

نشر في: 3 أكتوبر, 2011: 07:34 م

 حازم مبيضين ليس دقيقاً أن عراق ما بعد صدام حسين قطع أشواطا مهمة في مجال مكافحة الإرهاب, كما أنه ليس صحيحاً القول إن العراق استطاع تجاوز التحديات الأمنية بوقت قصير وظروف استثنائية صعبة, فالأنباء القادمة من بلاد الرافدين تؤشر  عكس ذلك تماماً, والتحديات الأمنية لاتزال المعضلة الرئيسة التي يواجهها العراقيون حكومة ومواطنين, رغم الإنفاق الفلكي على ما يقال إنه إعادة بناء الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة, وزيادة عدد القوات المقاتلة وتطوير جاهزيتها, إذ برغم ذلك يسقط يومياً عدد من الضحايا بين قتيل وجريح، وتواصل نقاط التفتيش سيطرتها على حياة المواطنين،
 وتتعرض مقرات الدولة للقصف بالصواريخ، وكل ذلك وسط حالة من التخبط في الاعتقالات وإطلاق السراح، والصمت على الضربات الإرهابية التي يوجهها محترفو العنف للبلاد والعباد.الحديث عن هزيمة الإرهاب لا يلغيه من حياة المواطنين اليومية, والحديث بأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة ليس دافعاً لأن نحفر قبره, فكل ذلك يدخل في باب إلهاء الرأي العام, ويستخدم في التجاذبات السياسية, واستنزاف الأموال, والقفز على القوانين, والتضييق على الحريات العامة, ونعرف أن الأمن كل متكامل, فليس كافياً اعتقال خلية إرهابية هنا أو هناك, وإنما المطلوب وضع الإصلاحات الفعلية موضع التنفيذ الجاد, وبما يكفل نهضة اقتصادية, قادرة على توفير فرص العمل للشباب, ومكافحة ظاهرة الفساد المالي والإداري, التي تعصف بكل زاوية في الدولة العراقية, والتكريس الفعلي لمبدأ الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة, إضافة إلى توفير بيئة تعليمية تعيد للعراق الوجه المعروف عنه, ونشر ثقافة السلم والسلام,  ونبذ العنف الطائفي و قبول الآخر. قضيتا الأمن والإرهاب في العراق تختلفان جذرياً عن باقي بلدان العالم, ففي بلاد الرافدين هناك من يدعم الإرهابيين ويشاركهم نشاطهم, بينما يحجز مقعده في مقدمة الصفوف الأمامية للعملية السياسية, التي تسعى لمحو كل أثر لحكم الدكتاتورية والحزب القائد, وقوى الأمن العراقي مهما تعاظمت قوتها, لن تكون قادرة على وقف العنف الإرهابي, وهو يأخذ أشكالاً متعددةً ويتلون كالحرباء, لسبب واضح وجلي, وهو أن هذا العنف سياسي بالدرجة الأولى, ويقوده سياسيون يتوجب وقفهم عند حدهم, وتفكيك ميليشياتهم, قبل تقديمهم إلى قضاء مستقل ونزيه, يعاقبهم ويأخذ منهم حق العراقيين.منذ أن سقط نظام البعث, استقرت العادة على إعلان مسؤولية القاعدة والتكفيريين والبعثيين والصداميين ودول الجوار, ومن نعرف ومن لا نعرف, عن أي عملية إرهابية , دون أي معالجة حقيقية خارج إطار الحلول الأمنية الآنية, التي تتولى مسؤوليتها جهات متعددة, منها على ما نذكر وزارة الأمن الوطني وجهاز مكافحة الإرهاب وجهاز المخابرات والتحقيقات الوطنية والاستخبارات والمعلومات ومستشارية الأمن الوطني.. الخ, وهي جميعاً تتسم بالغموض وعدم الفاعلية, وبحاجة إلى إعادة صياغة تتضمن توحيدها ووضعها بأيد أمينة أولاً, وقادرة على مكافحة الإرهاب, ومنعه من تنفيذ مخططاته, سواء تبناها سياسيون لأهداف حزبية وتنظيمية رخيصة, أو أتت على خلفية تعصب ديني أعمى, أو جرى استحضار أفكارها وأدواتها من خارج البلاد. القضاء على الإرهاب وانعدام الأمن لايتم بالتمني ولا بأحلام اليقظة, وهو يحتاج إلى تخطيط يشمل كل نواحي الحياة, وبمعنى تجفيف منابعه, المتمثلة بالفساد وتدني مستوى المعيشة وانعدام خطط التعليم, وفقدان الكثير من المقومات الأساسية للحياة, وهو بحاجة إلى متخصصين في كل هذه المجالات, وليس إلى أقارب وأصهار وموالين حزبيين, هذا إن كان المطلوب أن يتقدم العراق إلى الأمام, لا أن يفوز حزب برئاسة الوزراء أو المجلس النيابي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram