علاء حسن قبل ان يدخل التلفزيون الى البيوت العراقية كنا نحن ابناء الجيل السابق نقضي أماسينا قبل النوم بالاستماع الى سرد القصص من قبل الامهات او الجدات، وعادة ما كان ينتهي سرد القصة بعبارة "وعاشوا عيشة سعيدة" ثم نتوجه نحو اماكن نومنا وقبل دقائق من الاستسلام للنوم يسترجع احدنا تفاصيل القصة، فينتابه الخوف من ابطالها الاشرار، ونعطف على الخيرين،ثم نستسلم للرقاد على امل ان نحظى بقصة جديدة في امسية اليوم التالي،
ولكننا لم نسمع الجديد فكلها سمعناها وعرفنا احداثها وابطالها، الطنطل والسعلوة، وبنت الملك والحطاب،وابو حظين، والسبع الجوعان، والارنب الشاطر. جيلنا الحالي الحريص على متابعة برامج الفضائيات اكثر منا ما عاد يقتنع بتلك القصص ولا يشتريها بفلسين، علما انه لم يتعرف على تلك العملة ولم يتعامل بها، لانها انقرضت قبل عشرات السنين، وعندما تضمن حديث احد كبار السياسيين "مفردة فلسين " سأل طفل اباه عن معناها فاضطر الاب ان يشرح بالتفصيل الممل المعنى، مستعرضا الحياة السياسية في البلاد و تأثيرها في الجانب الاقتصادي وما يخص العملة، وقبل ان ينهي الاب حديثه وجد ابنه غارقا في نوم عميق، فضاعت فرصة تفسير معنى مفردة "الفلسين ".وعلى طريقة قصص ايام زمان اصبح المشهد السياسي "سالوفة " تتكرر يوميا، وتبدأ عادة مع موعد بث نشرات الاخبار، والصغار والكبار يتابعون ويترقبون لحظة قول عبارة "عاشوا عيشة سعيدة " فطال الانتظار والعيش السعيد الرغيد بعيد المنال. وسالوفة هذه الايام تدور عن اجتماع القادة السياسيين، وتوقعات النجاح وعوامل الفشل، والأسئلة المطروحة كثيرة تبدأ من إمكانية تطبيق اتفاق اربيل، وهل يتوصل المشاركون الى بلورة موقف موحد بخصوص تحديد عدد المدربين الأميركيين للقوات العراقية، وميناء مبارك الكويتي، والقصف الايراني والتركي المتكرر لقرى اقليم كردستان، واية مسودة لقانون النفط والغاز يعتمدها مجلس النواب، وقبل الاجابة على هذه الاسئلة سيسيطر سلطان النوم على المشاهدين، وتصبحون على خير. المشهد السياسي الراهن بكل تناقضاته وبما يحمل من تقاطعات وخلافات، وتنصل وتجاهل للاتفاقات المبرمة بين الاطراف المشاركة في الحكومة، يصح عليه القول " طبكت سالفة على سالفة وصارت سالوفة " وللوصول "الى عاشوا عيشة سعيدة " يحتاج العراقيون الى مواقف جدية لنخبهم السياسية، واجتماعهم وحده ليس بالامكان التعويل عليه للخروج بنتائج ايجابية، لان الخلاف اخذ ابعادا اخرى، فهناك من يلوح بخيار سحب الثقة عن الحكومة، واخر يريد اعادة الانتخابات، وطرف ثالث، يرى نفسه انه المتضرر الوحيد، ولابد من انصافه، ورابع يستعين بدول الجوار للحصول على حقوقه، والخامس، الشعب العراقي ينتظر نهاية "السالوفة " لكي يلتفت له القادة ويقتنع بان هناك ضوءا في نهاية النفق المرعب الخاضع لسيطرة اكثر من طنطل بهيئة بشرية و "عاشوا عيشة سعيدة ".
نص ردن :ســالــوفــة
نشر في: 3 أكتوبر, 2011: 07:56 م