TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :يا الاستقالة

سلاما ياعراق :يا الاستقالة

نشر في: 3 أكتوبر, 2011: 08:48 م

 هاشم العقابي قبل ان ينفي المستشار الإعلامي للمالكي ما نسب إليه قوله لصحيفة نيويورك تايمز ان الحكومة العراقية طلبت من بشار الأسد ان يقدم استقالته، توقعت النفي. والسبب هو ليس لان حكومتنا لا تتدخل بالشأن الداخلي لبلدان الجوار وغير الجوار. ولا لانها اعلنت ضمنا او صراحة بانها تساند الأسد في قمعه لانتفاضة شعبه. انما توقعته لان به دعوة للاستقالة. فهذه الكلمة او المصطلح، باتت محرمة في قاموس حكومتنا. لا بل ربما اصبحت اشد تحريما من الخمر والميسر والدم ولحم الخنزير.
ادعو من يشك بقولي الى مراجعة خطب رئيس الوزراء، وكلها موثقة في موقعه الرسمي، ان ياتيني بعدد المرات التي وردت بها كلمة "استقالة".  وليتابع تصريحات اعضاء دولة القانون ويتفحصها  تحت المجهر، لا بالعين المجردة، وليعطني عدد المرات التي مر بها احدهم على "الاستقالة" ولو همسا. انتظر جوابه.الاستقالة في البلدان ذات السمعة الطيبة، تعد من بين القيم  السياسية والاجتماعية الراقية. ولا يتردد اي مسؤول فيها ان يستقيل حتى ولو تعرض فرد واحد من الشعب للأذى بسبب سوء ادارته او تقصيره. ما زلت اتذكر ان تاخر سيارة الاسعاف عن الوصول في الوقت الملائم لانقاذ سيدة كبيرة السن في بريطانيا دفع وزير صحتها الى الاستقالة. أما نحن فالاستقالة عندنا هي الخط الاحمر وليس الإنسان. وان استقال مسؤول عندنا، وهذا من اندر الحالات، فسيعامل وكأنه سن سنة سيئة. ومن هنا يتعرض للرجم بتهمة انه مشبوه او بعثي او متحايل على قرارات الاجتثاث. والغريب ان الاستقالة الوحيدة والواضحة كانت استقالة القاضي رحيم العكيلي الذي عرف بنزاهته. شيء يذكرني بكلام امي عن الموت الذي كانت تقول عنه بانه لا يختار الا "الزينين".ان احتقار الاستقالة كقيمة او الامتعاض من ذكرها، يندرج ضمن مخلفات ذهنية النظام السابق وقراراته التي صارت الحكومة تعتز بها اليوم. لا بل وتعيد انتاج حتى التي كان قد الغاها بفعل الضغوط الدولية عليه آنذاك. فما زال الكثير من العراقيين يتذكرون قصة ذلك الاستاذ الجامعي الذي عبر عن حزنه العميق لطلبته لانه حلم في الليلة السابقة ان صدام قد استقال. وفي اليوم التالي اقتادته المخابرات من بيته ولم يعد اليه الى يومنا هذا. لم يشفع للاستاذ حزنه. لان الخطر الكبير هو: كيف يحلم بالاستقالة ان لم يكن في لا شعوره يتمناها للرئيس؟ ويا له من "ذنب" عظيم!أقول للمستشار الاعلامي السيد علي الموسوي، الذي كان زميلا اعلاميا لنا قبل ان يصبح مستشارا، بكل ود: شجابك مولانا على طاري الاستقالة التي انت الأعرف بان مجرد ذكرها يعد عند "الجماعة" من كبائر الذنوب. تخيلت حال صاحبنا وهو يواجه امتعاض المالكي وناطقه ونائب مدير مكتبه، الذي اظنه ابنه، طالبين منه الابتعاد عن التصريحات واجراء المقابلات، كما ورد في الخبر الذي ذكره موقع "الوسط"، فصرت أدندن: امعلكـه وتزهيـن     يا الاستقالة شلج عله ابن الناس     عذبتي حاله

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram