عدنان حسين من الرمادي إلى الفلوجة إلى النخيب إلى كركوك إلى الموصل إلى بعقوبة إلى الحلة وسواها من المدن والبلدات والمحافظات، ودائما مروراً بالعاصمة الاتحادية بغداد، تتدحرج كرة النار الإرهابية لتفجّر المفخخات واللواصق والأحزمة الناسفة وكواتم الصوت، وما من شيء يُوقف تدحرجها أو في الأقل يُبطئ من حركتها الرهيبة، للسنة الثامنة على التوالي.
كل مرة تعلن فيها قيادة عمليات بغداد أو قيادة عمليات أخرى في الأنبار أو الفرات الأوسط أو في سواها، عن إلقاء القبض على أحد أمراء القاعدة أو أخطر الخلايا الإرهابية وأفتك عصابات الجريمة المنظمة أو أكبر مصانع المفخخات والكواتم، نظن بحسن نية، وأحياناً ببلادة وبلاهة، أن اليوم التالي أو الأسبوع اللاحق سيكون أهون شراً من سابقه، بيد أننا ما نلبث أن نصحو على وقع تفجيرات أشد وعمليات قتل أكثر. لا عجب، فليس من المعقول أن يتحسن الأمن في البلاد فيما كل شيء آخر عداه يتردّى، أو يبقى على حاله في أحسن الأحوال، تجهيز الكهرباء سيئ، وضع البطاقة التموينية سيئ، سوق العمالة والتوظيف سيئة، حال السلع الغذائية المستوردة سيئة، وكذا حال السلع الأخرى (صار العراق مكباً للنفايات -السلع منتهية الصلاحية- القادمة من دول الجوار وغيرها)، حال مكافحة الفساد المالي والإداري في أسوأ ما يكون، وكذا حال الفساد السياسي وعلاقات الأخوة الأعداء الشركاء في حكومة (الشراكة الوطنية) وبرلمان المحاصصة غير الوطنية بالطبع. فكيف ومن أين يتسنى للحال الأمنية أن تكون أفضل. "الجود من الماجود" كما يقال، و"الماجود" متردّ ومتهالك ومبتذل على كل صعيد ونطاق.هناك سبب قوي آخر للتردي المتواصل في الحال الأمنية. هذا السبب غير خافٍ، فالكثير من القادة السياسيين والعسكريين يُعلنون صراحة عن أن هناك ضعفاً كبيراً في العمل الاستخباري اللازم للكشف عن الجرائم قبل وقوعها ولإجهاض مخططات جماعات الإرهاب وعصابات الجريمة.الآن صار واضحاً تماماً لماذا العمل الاستخباري قاصر برغم تعدد الأجهزة الاستخبارية وكثرة العاملين فيها، فالوقائع المتواترة تؤكد أن هذه الأجهزة، أو بعضها، منصرفة إلى شيء آخر غير الاستخبار عن الإرهابيين والمجرمين.. مشغولة بالتجسس على الشباب الوطني المسالم الذي لا يتقن حتى استعمال السكين في تقشير التفاح من ناشطي حركة التظاهرات الذين لا يريدون سوى انتشال الوضع الأمني وسائر أوضاع البلاد المتردية من سوئها المتفاقم.هذه الأجهزة، كما يتبيّن ممّا نُشر في الأيام الأخيرة، تبلو بلاء "حسناً" للغاية في التجسس على هواتف الشباب وعلى اجتماعاتهم العلنية في المقاهي وقاعات الفنادق، وتندسّ في صفوفهم وهم يتظاهرون في ساحة التحرير وغيرها لتتعرف على الأسماء وتصوّر الوجوه.بربكم من أين وكيف لهذه الأجهزة، بعد هذا، أن تتابع الإرهابيين وتراقبهم وتتعقبهم وتلاحقهم كيما تستطيع الكشف عن المخططين والمنفذين للعمليات الإرهابية وأعمال عصابات الجريمة المنظمة؟
شناشيل :لماذا يتواصل الإرهاب؟
نشر في: 4 أكتوبر, 2011: 10:58 م