حازم مبيضينrnبرغم كل التصريحات التي لا نعرف سبباً سياسياً وجيهاً لإطلاقها، والتي تمحورت حول عدم بقاء أي جندي أميركي في العراق اعتباراً من العام المقبل، وهي التصريحات التي قلنا حينها إنها فارغة من المضمون الحقيقي، وأن العلاقات بين الكتل السياسية والأحزاب والمليشيات كانت وراء إطلاقها، فقد تحايل قادة الكتل السياسية العراقية على الأمر بطريقة فجة, ومكشوفة حتى للسذج, حين وافقوا على إبقاء مدربين عسكريين أميركيين في العراق، دون منحهم الحصانة، بعد انسحاب القوات الأميركية في نهاية هذا العام.
كنا نعرف، ويعرفون، أن بقاء جزء من القوات الأميركية في العراق ضرورة للعراقيين, حيث لم تستكمل كل حكومات ما بعد صدام, التي اجتهد العراقيون في انتخابها, بناء جهاز أمني فعال, ولاهي نجحت في القضاء على الإرهاب، تماماً كما لم تنجح في إيصال الكهرباء والماء النظيف للناس، في القرن الحادي والعشرين، وفي بلد فائق الثراء، ولم تكن مفهومة المكابرة، والادعاء بضرورة رحيل آخر جندي أميركي من قوة الغزو التي غيرت وجه العراق، وأطاحت صدام حسين وحزبه القائد، ومنحت للشعب العراقي فرصة اختيار شكل نظامه السياسي. مثير للضحك أن قادة العراق الجدد، وهم يوافقون بكل أريحية على بقاء (المدربين العسكريين الأميركيين)، سعوا للتغطية على قرارهم بالقول إنهم توافقوا على ضرورة تدريب القوات العراقية، واستكمال تجهيزها في أقرب وقت ممكن، وشددوا على أن يتم التدريب في قواعد عراقية، ويتم تنظيمه في شكل تتمتع القوات العراقية باحتراف في كل القطاعات, وأكدوا أن تعمل هذه القوات وفق الدستور العراقي، وأن تكون قادرة على تجنب أي تهديد للأمن الداخلي والخارجي للعراق, والحفاظ على سلامة أراضيه ومياهه وأجوائه، إضافة إلى ديمقراطيته الدستورية, وكل هذا اللغو لا يزيد عن تهديد البعض بمقاتلة الأميركيين الذين ساعدوهم على المشاركة في حكم العراق. في العراق الجديد الديمقراطي, لن نعرف أبداً عديد القوات الأميركية التي ستظل في بلاد الرافدين, وهل هم 3 أو 4 آلاف كما يقترح البيت الأبيض, أم أنه سيتم الاحتفاظ بأكثر من ذلك كما تشير كافة الدلائل, التي تؤشر أيضاً أن البرلمان العراقي سيوافق على طلب واشنطن بمنح جنودها حصانة تحميهم من أي ملاحقات, وإذا كانت التقديرات الأميركية, وهي الأدق, تؤكد أن القوات العراقية لا تستطيع حتى الآن حماية الأجواء العراقية والمياه الإقليمية والحدود, فكيف نصدق أن عديد الباقين من الأميركيين لن يتجاوز الأربعة آلاف. في قضية مفصلية كهذه، كنا نأمل أن ينتهج ساسة العراق الجدد دروب الصدق والصراحة مع شعبهم، لا أن يتحايلوا بكلمات خالية من المضمون الحقيقي, ولست أظن أن عراقياً عاقلاً سيرفض بقاء القوات الأميركية في العراق, إلى حين استكمال بناء منظومته الأمنية والعسكرية، التي يحتاجها لحماية حدوده وأجوائه وأمنه الداخلي, لكن واقع الحال يقول إنهم يلعبون مع شعبهم لعبة الثلاث ورقات ويحاولون إلهاء الناس عن مشاكلهم الحقيقية, وهذه السياسات مكشوفة وستظهر نتائج فهمها لدى عامة الناس في صناديق الاقتراع في الانتخابات القادمة, وهي ليست بعيدة لكن الساسة لا يتعظون.
في الحدث ساسة العراق وخداع الـنـــاس
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 5 أكتوبر, 2011: 07:26 م