هاشم العقابيrnفي كل يوم، تقريبا، نقرأ مقالات ونسمع تصريحات ونتابع اخبار مؤتمرات تدعو لإنصاف الكرد الفيلين. لكن الخلاصة هي انها جميعا لم تجد قلبا مفتوحا لتقبل آلامها ولا حتى آذانا صاغية تستمع لمطالبها.
لا اريد هنا ان اسرد ما تعرض له الفيليون من حملات ظلم واضطهاد وتهجير في زمن النظام السابق. كذلك لا اريد أن أتطرق للتهميش الذي يتعرضون له اليوم والذي وصل حد حرمان الكثير منهم من استرداد حق المواطنة الذي سلبه منهم النظام السابق. فكل ذلك سبقني في الحديث عنه كثير من ابنائهم وغيرهم من العراقيين المنصفين. اريد اليوم ان اتحدث عن فضل للكرد الفيليين علينا نحن العراقيين ربما لم ينتبه له الكثير منا. الشعوب تعتز بموسيقاها وأغانيها وتجل وتكرم من يسهم في انتاجها لانها جزء من تكوينها الروحي وبناء ذائقتها الشعبية. وكذلك تفعل الحكومات في الدول المتحضرة. وان كانت الاغنية العراقية علامة مميزة في تراثنا الشعبي، فان للفنانين الفيليين دورا مهما في إحيائها نصا ولحنا واداء. من منا يستطيع أن ينكر دور الشاعر سيف الدين ولائي والفنان رضا علي والموسيقار عباس جميل؟ هؤلاء الفيليون الثلاثة منحوا العراق اجمل الاغاني التي صارت جزءا من تراثه الشعبي الحي. لقد أفرحتنا اغانيهم وأرقصتنا وابكتنا أيضا. من "عيني سمر" و "كولوله لبو عيون الوسيعة" الى "غريبة من بعد عينج يا يمه". واليوم اذ يشهد العزف على العود تطورا مشهودا واقبالا جماهيريا عربيا وعالميا نجد ان أهم نجومه من الكرد الفيليين العراقيين. فالموسيقار نصير شمة علم من أعلام العود بالعالم. كذلك الشاب اليافع الموسيقار يوسف عباس الذي يعد اصغر أستاذ للعود بالعالم، هو الآخر امه كردية فيلية. وانا متاكد باننا لو اجرينا مسحا للأسماء التي أسهمت إسهاما مبدعا في اغناء موسيقانا وأغانينا العراقية، لوجدنا أن الفيليين يتصدرون قائمة الاسماء كما ونوعا. انها ظاهرة تستحق الدراسة والتأمل. أقول ذلك، وهناك شيء يحيرني حقا وأحار في طرحه. يحيرني ان اجد أسماء مهمة ومبدعة في مجال كتابة النصوص الغنائية وتلحينها وغنائها، ترفض الكشف عن هويتها الفيلية. والأغرب اننا نعرفهم جيدا ونحترم انتمائهم القومي، لكننا لسبب او لآخر، نتواطأ معهم ولا نصارحهم او نسألهم عن سر إخفائهم لهويتهم كما افعل الآن. نقولها بغيابهم ونسكت عنها في حضورهم. لماذا؟ حقا لا أدري. وهناك ايضا اسماء أخرى ليس، فيما يخص الغناء والموسيقى، بل شخصيات فيلية الاصل ظهرت مؤخرا على مسرح السياسة والاعلام. هؤلاء لا يكتفون باخفاء انتمائهم الفيلي بل صاروا يضيفون لاسمائهم القابا عشائرية عربية رنانة. ما هو السر؟ ربكم اعلم. وللحق استثني هنا الفنان الكبير جعفر حسن الذي ربما هو الوحيد من بين الموسيقيين يجاهر بانه فيلي. ان من ينصف شعبا غذى ارواحنا بأعذب المعزوفات وأجمل الأغاني وأرق الالحان يكون قد انصفنا. ومن يظلمهم فقد ظلمنا جميعا.
سلاما ياعراق ..إنصاف الفيليين.. إنصاف لأغانينا
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 5 أكتوبر, 2011: 09:10 م