هاشم العقابي أغلب الردود التي اتتني على عمودي: "حال الصغار في بلد الكفار، اشعرتني أن القراء فهموا قصدي دون أن افصح عنه صراحة. لكن بعض الردود استوقفتني وذكرتني بما كتبته سابقا عن "رسائل الموت" وكارثة قراءتها بالمقلوب. لم ينتبه هؤلاء لحال الملايين من اطفال العراق الذين تكفي صورهم،
على الانترنت فقط وليس بالشوارع، أن تدمي القلب.، انما حسدني بعضهم بقوله: "شكو عليك واحنا اطفالنا الهم الله". صورة شبيهة لتلك المرأة التي قلت لكم عنها انها شتمت الضحية وتركت الجلاد. المسألة ليست لها علاقة بالله. فرب اطفال بلاد الكفار هو نفسه رب اطفال العراق لكن حكومة أولائك ليست كحكومة هؤلاء. فبدلا من ان يضع الحاسدون اللوم على الفاسدين الذين لا يحبون شعبهم ولا اطفاله أحالوا الأمر الى الله. وما اسهلها من مهمة يلوذ بها العاجزون. الله اعطى الناس عقولا وضمائر. وعلى الناس ان تقف بوجه من يحكمها دون ان يحكم ضميره أو يشغل عقله بالفساد والشر وليس بالخير. هذا البعض الذي حسدني ارغمني على أمر ما وددت الخوض به لانه محزن. والسبب هو اني ارى حتى احزاني تتلاشى وتصغر امام ما يحل بالعراقيين خاصة اطفالهم. فطفلنا الخامس الذي حدثتكم عنه، اسميته علي، بعد ان وصل السنتين من عمره، بانت عليه فجأة علامات مرض مميت. ولان حياة الانسان في البلدان المتحضرة غالية، لا بل هي اثمن ما في الوجود، طفلا كان ام كبيرا، ازدادت محبة ولدي عند"الكفار" ورعوه اكثر. وللأسف عجز الاطباء عن علاجه فاخبرونا انه سيموت خلال اشهر. وآه لو تدرون نوع الرعاية التي تشمل العائلة التي يكون ابنها في طريقه الى الموت. ساسكت حتى لا اهيج جروحا كثيرة.فقط اذكر ان منظمات انسانية ومتطوعين ومتطوعات بالعشرات صاروا يتوسلون بنا لنمنحهم فرصة المساهمة في مساعدتنا. وجهة صارت تأخذ اطفالي الى المدرسة وتعيدهم كي نتفرغ لهذا الطفل الذي سيموت! وشابات تشم عطر انسانيتهن عن بعد يتوافدن علينا لنكرمهن بالموافقة على القيام باعمال الطبخ والتنظيف! وحتى الجامعة التي كنت ادرس فيها خصصت لي دار سكن مؤثثة تبعد دقيقتين او اقل من كليتي حتى اكون قريبا من ابني وامه ان هما شعرا بحاجة الي. ضاعفوا المساعدة المالية له ومنحوا امه مخصصات اضافية كي تهتم به حتى آخر دقيقة من حياته.ومات علي بين ايديهم مدللا . ما زلت اذكر ان جارا لنا يعد من اكبر اساتذة الموسيقى هو وزوجته وقد اعد لنا لحنا خاصا يخفف عنا الحزن ضمنه ايقاعات من الأذان الاسلامي. وفعلا خفف عنا كثيرا من الحزن. وما زلت اذكر ايضا ان طالبا عراقيا شاهدني بعد موته بايام فواساني بولدي مرددا عبارة: "البقاء في حياتك" الروتينة. ولم يفته ان يضيف لها: "بس بيناتنا تره اجتكم خوش فلوس بسببه"!هكذا هو أيضا قرأ رسالة موت ابني بالمقلوب فحسدني على موته كما حسدني بعض القراء على ولادته.
سلاما ياعراق :عندما يكون الموت محسودا
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 7 أكتوبر, 2011: 08:42 م