شاكر الأنباري أن تكون النجف عاصمة للثقافة الإسلامية في العام القادم فهو حدث عراقي كبير، يعطي لهذه الحاضرة الدينية، والفكرية، والثقافية، حجمها الحقيقي الذي مارسته منذ مئات السنين، وأنجبت عبر تاريخها شعراء كبارا ومفكرين وقادة رأي. وظلت النجف معلما له خصوصيته لدى الجميع،
لا يقتصر ذلك على فئة أو حزب أو طائفة أو قومية، لذلك ينبغي أن يكون الحدث بمستوى المدينة وتاريخها. لكن على أرض الواقع يلاحظ المتابع للتحضيرات القائمة في هذا المجال أن هناك معضلات، ومشاكل، وحتى مماحكات، لها بعد سياسي، ومالي، بدأت تتغلب على الوهج الحضاري لهذا الحدث. ويخشى أن ينسحب ذلك على اللجان الثقافية المكلفة بترتيب المناسبة وإنجاحها. ثمة انسحابات من اللجان المشرفة، وثمة تقولات إعلامية حول الأموال التي تصرف لتطوير المدينة كي تستقبل عامها الثقافي الجديد، في حين لم تتوضح لدى المتابع لما يدور في اللجنة الثقافية المكلفة بوضع البرنامج صورة ملموسة للسنة القادمة. تغير حتى الآن أكثر من مسؤول ثقافي مشرف على الفعالية، مما ينبئ عن فوضى غير مبررة، يؤمل ألا تنعكس على سمعة، وجدية، الحدث. الحدث بدا حتى الآن وكأنه يقتصر على أحزاب متنفذة تقود عملية تهيئة المدينة، واللجان بعيدة عن الهاجس العراقي برمته، في أن تكون المناسبة وطنية بامتياز. برغم أن تاريخ النجف يمتد في الزمان إلى مرحلة كانت فيها مركزا لتعدد المذاهب وحتى الأديان، إذ كان فيها ذات يوم أكثر من عشرين ديرا مسيحيا، وهذا مثال على تسامحها الديني والمذهبي، وانفتاحها على ثقافات العراق كلها. إعطاء النجف حجمها الحقيقي في قلوب العراقيين يتطلب أن يكون في اللجنة الثقافية مفكرون، ومثقفون، ومختصون، من المدن كلها، بتعدد مذاهبها وأديانها وقومياتها، إضافة للمؤسسات الثقافية التي تطمح إلى بناء ثقافة وطنية تحترم الإنسان وحقوقه، ولا تفرق بين الناس تبعا للدين والمذهب والقومية. النظر بهذا الاتجاه ضروري في وقتنا الحاضر، لكي تكون المدينة أيضاً حاضنة للثقافة الإسلامية الحقيقية التي لا تقتصر على الفقه والشريعة، إنما تتعدى ذلك إلى البعد الروحي في الثقافة، أي الفولكلور، والشعر، والفن، وحتى الموسيقى. فالثقافة الإسلامية طوال عهودها، وبتنوع الحكام، ظلت خليطا حضاريا من الفلسفة والبحث والغناء والدراسات والسير والصناعات والفنون اليدوية التي أبدع فيها الفنان المسلم. وما مرقد الإمام علي في قلب النجف إلا تحفة فنية تخلب الأبصار، وتشيع جوا روحيا من التسامح والمحبة والتأمل. ينبغي على المسؤولين عن هذه المناسبة الكبيرة أن يضعوا أسماءً تمتلك ثقلا ثقافيا، وفكريا، وحضاريا، وتتمتع باحترام المثقفين والأكاديميين والباحثين، على اختلاف تلاوينهم. أسماء يقع على عاتقها وضع برنامج وطني يخص البلد كله في الاحتفالية. يحس عبره الجميع بأن النجف تخصّ العراقيين كلهم، لا جهة حزبية او طائفة او قومية. النجف استوعبت كل ذلك عبر تاريخها الطويل، ولها في قلوب الجميع محبة خاصة وتقدير. هي لن تقوم بمماحكات حزبية وفئوية لها علاقة بالمال، والدعاية السياسية، والمطامح الشخصية.
كلمات عارية :النجف عاصمة للثقافة
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 7 أكتوبر, 2011: 08:49 م