اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تقارير المدى > السرّ الذي يعرفه الجميع: ادفع للقاعدة أو تُقتَل

السرّ الذي يعرفه الجميع: ادفع للقاعدة أو تُقتَل

نشر في: 7 أكتوبر, 2011: 08:50 م

بغداد/ المدى(2_2)لدى التنظيم المسلّح في مدينة الموصل "جهاز ضريبي" من نوع خاص. فكل صاحب مهنة مهما صغر شأنه أو علا، يدفع نسبة محددة من دخله الشهري لعناصر التنظيم، كما أن مؤسسات الدولة تدفع هي الأخرى. هذا سرّ بات يعرفه الجميع بمن فيهم مسؤولو الحكومة، لكن أحدا لا يجرؤ على البوح به.
لا يخضع المواطنون وحدهم إلى دفع الإتاوات لما يعرف بـ "دولة العراق الإسلامية" في الموصل، بل حتى دوائر الدولة نفسها تفعل ذلك، لكن بطريقة غير مباشرة. موظف مختص بالمشاريع في إحدى الدوائر الخدمية، قال إن النسبة الكبرى من المشاريع كانت تنفذها الكوادر الفنية في دوائر محافظة نينوى، لكنها تعطّلت بسبب استهداف الموظفين وابتزازهم من قبل التنظيم. هذا الاستهداف أدى إلى ابتعاد الحكومة عن العمل المباشر والاعتماد أكثر على أسلوب المقاولات، ليخف الضغط عليها من جهة، ولحفظ ماء وجهها من جهة أخرى. ويوضح الموظف الحكومي أن "قيام مؤسسات الدولة بدفع الإتاوات أمر مخجل، ويظهرها بمظهر الضعيف الذليل، فكان عليها أن تجد من يفعل ذلك نيابة عنها". مقاول صغير متخصص في مجال البناء، روى لـ "نقاش" كيف أنه وزملاءه يدفعون إلى أشخاص يحملون أسماء حركية ويتنقلون بشكل علني، وأنهم يتفاوضون معهم مع كل مقاولة يدخلونها، لتنفيذ مشروع صغير لصالح إحدى الدوائر الحكومية. وينفي أن تكون هناك نسبة محددة ومتعارف عليها لأعمال المقاولات، وقال بأنهم "يضعون في الغالب رقماً غير قابل للنقاش، وأحياناً يسمحون بالتفاوض حول المبلغ، وعادة ما نجدهم يعرفون كل شيء عن المشروع، ومحل تنفيذه، مع تكاليفه، ومقدار الربح الذي سنجنيه، لذلك نتجنب المراوغة، لأنها قد تكون مميتة". المهندس بشار يعمل في مقر المحافظة، أشار إلى أن معظم شركات المقاولات ذات الخبرة والكفاءة والمقدرة المالية، تركت الموصل منذ نهاية عام 2004، ولم يبق سوى مقاولين مغامرين صغار، معظمهم لم يكن لهم علاقة بالمقاولات، فتسلموا مشاريع كبناء مدارس أو مستوصفات أو تعبيد طرق وغيرها من المشاريع، مقابل دفعهم نسبة محددة إلى الدولة الإسلامية من السلف أو الدفعات التي يتسلمونها من جهة المشروع كالمحافظة. ويضيف المهندس، أن غياب الإشراف المباشر أدى إلى تنفيذ المشاريع بطريقة سيئة، لا تطابق المواصفات المطلوبة على الإطلاق. وأن ذلك يظهر في مناطق عديدة داخل مدينة الموصل، "ولطالما ولد الأمر استياء الأهالي، الذين يتهمون الحكومة المحلية بعدم الجدية في تنفيذ المشاريع". كما سجلت الموصل هروب العديد من المقاولين إلى خارج المحافظة أو حتى العراق، لعدم تمكنهم من دفع المزيد من الإتاوات، فيتركون المشروعات غير مكتملة. ويروي المهندس بشار، صورة أخرى لتأثير الدولة الإسلامية على المشاريع الحكومية، تتمثل بوجود شركات مقاولات تكسب عقود مشاريع، لكنها تقوم ببيع العقود لاحقا إلى شركات أو مقاولين آخرين، لأنها لا تستطيع تنفيذها بسبب الابتزاز المالي الذي يمارس عليها. وتباع العقود لأكثر من مرّة وتتنقل بين مقاول وآخر حتى تصل في النهاية إلى أدنى مبلغ، عندها ينفذ المشروع باستخدام مواد أولية رخيصة. ويقول المهندس الذي أطلع "نقاش" على نماذج من تلك العقود إن "هذه الظاهرة شاعت في الموصل، خصوصا بين الشركات المتخصصة في مجال شقّ الطرق وتعبيدها". ضابط شرطة برتبة نقيب، رفض الكشف عن اسمه، قال في حديث لـ "نقاش" إن موظفين وصفهم بـ"الفاسدين والمساندين للإرهاب"، يقومون بنقل المعلومات التفصيلية المتعلقة بعقود المشاريع إلى عناصر القاعدة، تتضمن أسماء وعناوين وهواتف الشركات أو المقاولين، وهو ما تسبب بقتل الكثير من الأبرياء على حد قوله. وتساءل الضابط: "وإلا فمن أين يأتي الإرهابيون بالمعلومات؟"، مضيفا أن "الجميع يتحدثون عن خرق الإرهابيين الأجهزة الأمنية، ولا أحد يتحدث عن خرقهم وتعشيشهم في دوائر الدولة المدنية". محمود ناشط سياسي مستقل ومعارض لحكومة نينوى المحلية، ذكر لـ "نقاش" أن محافظ نينوى، وجد نفسه أمام ورطة كبيرة عندما تسلم مهام عمله في نيسان عام 2009، لأن نينوى كانت تحتل المرتبة الأولى بين أكثر المحافظات العراقية فساداً. والكل يعلم -يتابع محمود- أن الفساد المقصود لم يكن مجرد رشوة يقدمها مواطن إلى موظف لإنجاز معاملة، بل يتعلق بأموال تذهب إلى دولة العراق الإسلامية كحصص عن مشاريع، كثيرٌ منها لم ير النور أبداً. ويضيف محمود: "لكن لا احد يتحدث عن ذلك بطريقة مباشرة فحتى اللجنة المختصة بالفساد التي شكلها المحافظ وأشرف عليها نائبه الثاني القاضي حسن محمود أواخر عام 2009، فشلت في تحقيق شيء، فتم تشكيل لجنة أخرى قبل أشهر اشترك فيها ضباط من أجهزة أمنية". وفي مسعى منها لحماية الموظفين، حصرت الحكومة المحلية في نينوى منذ تسلم المحافظ أثيل النجيفي مهامه سنة 2009 مشاريع تنمية الأقاليم بيدها، فصارت هي من تشرف عليها بالإعلان وفتح العطاءات والإحالة للمقاولين. كما أجبرت الدوائر الحكومية على إعلام المحافظة وبشكل تفصيلي عن المشاريع التي تمول من ميزانية الوزارات التي تتبعها. وكشفت م

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

مقالات ذات صلة

مساعٍ برلمانية لتعديل قانون الاستثمار لتحسين الاقتصاد العراقي وجذب الشركات الأجنبية

مساعٍ برلمانية لتعديل قانون الاستثمار لتحسين الاقتصاد العراقي وجذب الشركات الأجنبية

متابعة/ المدىما يزال قانون الاستثمار يلوح في الأفق، وسط حديث عن تسهيلات حكومية لتطوير وتقوية قطاع الاستثمار، إذ ظهرت بوادر نيابية لتوجه البيت التشريعي نحو إجراء تعديلات على قانون الاستثمار من أجل مواكبة الحاجة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram