علــي حســـــين لماذا لا تثقّ غالبيةُ العراقيين بأهل السياسة، سؤال صار يتردد يوميا ونحن نسمع ونشاهد كوميديا النظام الديمقراطي في العراق التي لم تعد تتمتع بأية نسبة من المشاهدة، ذلك أن فقرات العُرُوض التي يقدمها بعض الساسة باتت محفوظة، معركة بين نائبين، وانفعال يبديه احد المسؤولين عن حقه بالامتيازات والمنح، يعقبه كلام كبير جدا عن ضرورة التكاتف والتلاحم في هذه المرحلة الخطيرة من مسيرة الوطن، ثم محاضرة في السفسطة من سياسي آخر يستخدم فيها كميات هائلة من المفردات غير المفهومة،
أن ما يبذله العديد من الساسة من جهود لخوض غمار المواجهات النارية فيما بينهم، يفوق بمراحل استعداداتهم للتصدي لقضايا الناس الحقيقية، فالمعركة بين نائب في العراقية ونائب في دولة القانون، أهمّ كثيرا من مواجهة قضايا تافهة بحجم البطالة ونقص الخدمات وغياب الأمن، واستفحال ظاهرة كواتم الصوت، وحيرة الناس بين حصانة القوات الأميركية أو عودة الفوضى الأمنية إلى الشوارع، اليوم نجد أن العديد ممن ينسبون أنفسهم للعملية السياسية هم عبء عليها ،يسيئون إليها، ويشوّهون صورتها، وإلا ما معنى أن يتكرر مشهد السادة النواب والمسؤولين الذين يتزاحمون على أداء فريضة الحج -مع احترامي لقدسية هذه الشعائر- في وقت تشهد البلاد احتقانا سياسيا وامنيا، فقد كشف لنا الخبر الذي نشرته وكالة اكانيوز بان أكثر من مئة نائب يتهيأون لأداء فريضة الحج هذا العام، وأن المجلس سيأخذ الشهر الجاري عطلته التشريعية التي تمتد لـ40 يوميا. أليس من الغريب والمعيب أن يذهب سياسيون ومسؤولون إلى موسم الحج في وقت عصيب، الناس فيه بأمس الحاجة إلى إطلالة مسؤول يشرح لهم ما الذي يحصل؟ كنت أتمنى على السادة النواب من الحجّاج أن يتبرعوا بمبالغ حجّتهم لضحايا جريمة النخيب فهي عند الله أكرم وأعظم من حجة بأموال غير مستحقة، كنت أتمنى على المسؤولين الذين ذهبوا زرافات لأداء موسم الحج الخامس أو السادس للبعض منهم، أن يحجوا إلى ألاماكن التي طالها الإرهاب وان يواسوا عوائل الضحايا، فستكتب لهم عند الله بمئة حجة. كنت أتمنى أن يتبرع السادة النواب جميعهم برواتب الأشهر التي قبضوها بدون وجه حق إلى عوائل شهداء التفجيرات الأخيرة علها تخفف عنهم ذنوبهم التي ارتكبوها بحق هذا الشعب المغلوب على أمره. أيها السادة.. الوطن في خطر وهو بحاجة أن تمتد له يد أبنائه المخلصين، أن تمتد بالخير لا بالانتهازية والمحسوبية والمصالح الضيقة، فأهم من أن تحصل كتلة سياسية على كل ما تريد وتشتهي، واهم من أن يحدد البعض من هو الأحق بهذا المنصب أو ذاك، هو أن نطمئن على العراق وعلى مستقبله وعلى مصيره.لقد اختار العراقيون العملية الديمقراطية إيمانا منهم بأن القوى السياسية ستوفر لهم الأمن والهدوء والاستقرار، وتحفظ الناس من المخاطر والأهوال.. لكن الأمور جاءت عكس ما تمنوا، ولم تعرف البلاد هدوءاً منذ أن اطل السياسيون وهم يهتفون الواحد ضد الآخر. الناس تدرك جيدا أن مستقبل أبنائها في الديمقراطية الحقيقية ولاشيء غيرها، وهي المظلة التي تحمي الجميع حكاما ومحكومين.. أما أصحاب المصالح الخاصة ورافعو شعارات الطائفية المقيتة فلا مستقبل لهم إلا في السعي إلى القفز بالوطن للمجهول والهاوية. العراقيون في خطر فيا أيها السادة النواب حجوا إلى بيوتهم عسى أن يغفروا لكم ذنوبكم وسيئاتكم.
العمود الثامن :أيها النواب حجّوا إلى بيوت العراقيين
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 7 أكتوبر, 2011: 09:53 م