وديع غزوان لم أعوّل كثيراً، مثل ملايين العراقيين، على زيارة رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي لإيران، وكنت أردد في نفسي المقولة الشعبية ( اخذ فالها من راس اطفالها ) ونظن أن معنى المثل البسيط واضح ولا يحتاج إلى شرح مطول، فقد كانت النتائج واضحة مسبقاً للعيان فلا هي أوقفت قصفها للمناطق الحدودية ولا هي قامت بإطلاق ولو بشكل جزئي مياه روافدها التي قطعتها وتسبّبت بموت بساتين مثمرة وتحويلها إلى ارض جرداء.
ونعتقد أن السيد النجيفي يفترض أن يعرف أن كل زيارة هدفها مناقشة ملفات عالقة ينبغي أن تسبقها عادة بوادر حسن نية من الطرفين، وفي مستوى العلاقة مع إيران فان تساؤلات عدة تطرح نفسها وفي مقدمتها عن معانٍ ومغزى استمرار القوات الإيرانية بقصف المناطق الحدودية في إقليم كردستان، ومن يتحمل مسؤولية تشريد 800 عائلة؟! تشير التقارير الدولية إلى أنهم يعيشون ظروفاً صعبة، إذ اضطرهم التشرد إلى العيش بالعراء و شرب مياه آسنة وتفشي الأمراض خاصة بين الأطفال والشيوخ. متى نحصد نتائج الزيارة وتترجمها إيران إلى واقع ؟ ليس المهم الديباجة الجميلة والمنمقة التي عادة ما تزين بيانات المسؤولين، فبين النجاح والفشل مسافات واضحة من الفعاليات التي لم نلمس أي شيء منها لحد الآن. لا نريد هنا أن نقطع طرق العلاقات الحسنة مع إيران وغيرها، غير أن الوقائع ومع الأسف تشير إلى أنها أي إيران ومعها تركيا وغيرهما من الدول استهانوا بحقوقنا ولم يراعوا حتى اعتبار المصالح المتبادلة، بل مصالحهم الاقتصادية وما تجنيه شركاتهم من إرباح جراء انفتاح السوق العراقية الكامل، بالمقابل لم نحصد غير المزيد من الخراب وتدهور قطاعاتنا الصناعية والزراعية، فكل شيء مستورد من اللبن والموطا إلى السيارات والمكائن، ولا ندري كيف يمكن لدولة أن تقوى في ظل هكذا ظروف صعبة وهروب ما بقي من رؤوس أموال وكفاءات؟! مرة أخرى نسأل السيد النجيفي عن الغرض الفعلي من الزيارة، وما حققته فعلاً من نتائج ؟ وعلى ماذا اتفق مع إيران ؟ كما نسأل لجنة العلاقات الخارجية الأسئلة نفسها. قد يرجع البعض سبب ما جرى ويجري من عدم توازن في العلاقات بيننا وبين الدول الأخرى إلى قلة الخبرة والدراية ، لكننا نخالفهم الرأي ونجد أنفسنا مضطرين إلى القول أن الصراعات الهامشية بين الكتل وتغليب الخاص على العام والسعي للاستئثار بالامتيازات هي السبب الرئيس في كل هذا، فهذه الدول قد قرأت واقعنا السياسي المتردي ونفذت منه إلى تحقيق مآربها، فلا نلومها، بل كل اللوم على ساسة أوصلونا إلى هذا المستوى من الضعف! وما يزيد ألمنا ووجعنا أنهم باتوا لا يقبلون النصح، وهذه بداية التراجع عن كل شيء، وإلا فما هذا الإصرار على تشويه عملية سياسية كان مجرد التمسك بمرتكزاتها وثوابتها الديمقراطية كفيلاً بنقلنا إلى عالم آخر غير الذي نحن عليه الآن!
كردستانيات :إيران وزيارة النجيفي
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 9 أكتوبر, 2011: 08:58 م