حسين علي الحمداني الأمية آفة اجتماعية والسبب الرئيسي في الكثير من المشاكل والمعوقات التي تحول دون تقدم وتنمية المجتمع،وفي الآونة الأخيرة شرّع مجلس النواب العراقي قانون محو الأمية بغية تقليص نسبة الأمية في العراق والتي تقدر بحوالي 20 في المئة، تشكّل النساء ولاسيما المقيمات منهنّ في المناطق الريفية الجزء الأكبر منها. حيث أن ما يقارب 50 في المئة من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 24 عاماً
هن من الأميات، بالمقارنة مع 20 إلى 28 في المئة من النساء اللواتي يعشن في المناطق الحضرية والمدن الكبرى، والأمية تكاد تكون ظاهرة في الوطن العربي حيث تشير تقارير اليونسيف بهذا الشأن إلى أن نسبة الأمية في الوطن العربي تبلغ 34 بالمئة من البالغين من السكان وهي نسبة لها تداعياتها وارتباطاتها بمستوى المعيشة لهذه العوائل خاصة وإن تقارير اقتصادية دولية تربط بين الأمية وتفشيها وخط الفقر فإذا كانت نسبة الأمية في الوطن العربي 34 بالمئة تقابلها نسبة 40 بالمئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر حسب تقديرات دولية بهذا الشأن.وهذا ما يجعلنا نستنتج بأن 20 بالمئة من سكان العراق يعانون الأمية مما يؤكد أنهم يعيشون بمستويات اقتصادية متدنية لم يتح لهم توفير فرص حقيقية للتعليم والتعلم. وبالتأكيد فإن هنالك عوامل عديدة ساهمت في تفشي أو عودة الأمية للعراق: أهمها الأوضاع الأمنية في السنوات الأخيرة وتأثيراتها على الوضع الاقتصادي والمعيشي للكثير من العوائل العراقية والتي أخذت هذه العوائل تعتمد على أبنائها الصغار في إعالتها ودخولهم سوق العمل بسن مبكرة جداً مما جعلهم يتركون مقاعدهم الدراسية. ولكن لو عدنا إلى الوراء قليلاً لوجدنا بأن الأمية بدأت تأخذ نسبها العالية في حقبة التسعينيات من القرن الماضي بتأثيرات الحصار الاقتصادي الذي تأثرت به شرائح عديدة من المجتمع العراقي لدرجة أصاب الإحباط العديد منها وأجبر عوائل كثيرة على أن تستغل أبناءها في العمل بدل ذهابهم للمدرسة مما أدى لتراكم نسبة الأمية جيلاً بعد آخر .ومن الطبيعي جداً أن تكون النسبة الأكبر تشمل النساء اللواتي تكون فرص تعلمهن قليلة أو منعدمة في ظل الظروف الاقتصادية التي مرت وتمرُ بها الأسرة لعراقية لا سيما الريفية منها ،والجميع يعرف هذه الحقيقة.وربما نسمع من الكثير من المختصين في الشأن التربوي بأن الأمية تفشت في السنوات الأخيرة بدرجة وأرقام عالية والبعض من هؤلاء يلقون باللوم على وزارة التربية في هذا الشأن على الرغم من إن نسبة الملتحقين في المدارس في السنوات من 2006/2011 أكبر من السنوات الماضية ،ويكاد يكون العام الدراسي 2010 -2011 من أقل السنوات تسرباً للتلامذة من مدارسهم،وهذا له أسبابه منها :حالة الاستقرار التي سادت الكثير من مناطق العراق ونسبة الوعي بأهمية المدرسة ارتفعت في المجتمع العراقي،وبالتأكيد فإن إمكانيات وزارة التربية مهما تكن فهي محدودة جداً،وإذا ما نظرنا للأمور من زاوية اقتصادية وتخطيطية نجد بأن موازنة وزارة التربية لا تتعدى 2,7 بالمئة من الموازنة العامة للبلد وبالتالي فإن هذه النسبة المالية غير قادرة على إنجازجميع الخطط لاسيما المتعلقة منها بإيجاد مناخ تربوي حقيقي يمنع تسرب التلاميذ من مدارسهم أولاً ويحد من الأمية في البلد ثانياً . وبالعودة للكثير من الأحاديث التي دارت في الأسابيع والأشهر الأخيرة ومحاولة البعض إيجاد مقارنات بين ما كان في سبعينيات و ثمانينيات القرن الماضي من مستوى تعليمي متقدم نوعاً ما وبين ما موجود الآن نجد بأن هذه المقارنات تغفل الكثير من الحقائق المهمة أهمها :إن النظام الحاكم آنذاك قد ورث بنى تحتية جيدة جداً خاصة بنايات المدارس وكوادر تعليمية وتدريسية ممتازة. وبالتأكيد فإن هذه العوامل ساعدته في أن ينفذ خطة محو أمية الكبار في سنوات قليلة جداً وينتصر على الأمية، ولكننا وجدنا -كما أشرنا- في عقد التسعينيات عودة الأمية بنسب كبيرة وذلك شيء طبيعي جداً عندما تفقد الأنظمة السبل التي تقودها للقضاء على الأمية وتهرب من يدها الحلول الصحيحة،وهذه الحالة موجودة الآن في وزارة التربية العراقية التي ورثت عقبات كبيرة وكثيرة جداً من الحقبة السابقة أهمها بنى تحتية سيئة جداً ساهمت بشكل كبير في تسرب العديد من التلامذة ،وبالتالي فإن وزارة التربية الآن تعالج خلل 30 سنة متراكمة وهو شيء يكاد يكون أكبر من طاقتها حالياً. من هنا نجد بأن القضاء على الأمية في العراق ضمن الخطة الموضوعة حاليا يجب أن تسير بأكثر من اتجاه، الأول: يتمثل بتفعيل قانون التعليم الإلزامي وحصر المشمولين به ضمن الرقعة الجغرافية لكل مدرسة في العراق، وعملية الحصر هذه تتم من قبل مدراء المدارس أنفسهم في ظل غياب ما يعرف ( بالشريط الإحصائي) الذي تأخذ بياناته من وزارة التخطيط عبر مسوحات التعداد العام للسكان ، وهذه الإحصائيات الرسمية غابت منذ عام 2002 وحتى يومنا هذا بسبب عدم وجود جهاز رسمي متخصص مسؤول عنها مما ولد حالة من عدم الدقة في حصر المشمولين ومتابعة التحاقهم بالمدارس .أما الجانب الثاني فهو الآخر يتعلق بقانون التعليم الإلزامي نفسه والذي يتمثل بتوفير مناخات تربوية وتعليمية تحفز التلاميذ على عدم ترك المدرسة والتسرب منها ،وأهمها :الاهتمام ببنايات المدارس، توفير التغذية المدرسية ،توزيع الكتب والقرطاسية بأوقات
تفعيل قانون التعليم الإلزامي والقضاء على الأمية
نشر في: 10 أكتوبر, 2011: 06:44 م