علي حسينمرة أخرى، الحجاب أم العلم؟، تطوير منظومة التعليم أم إصدار قرارات للحشمة ولمراقبة زي الطالبات؟، تندلع الأسئلة مجددا مع الاشتباك الدائر حاليا حول تراجع مستوى التعليم في العراق، هل نهتم بتحديث التعليم وتطويره وبث الحياة فيه من جديد أم ننتظر ما ستقرره لجان الحشمة التي تسعى إلى العودة بنا لزمن طلفاح الذي أعلن إمارته الإسلامية في منتصف السبعينيات حين تسلم منصب محافظ بغداد،
فقد قرر الرجل وفي صحوة من صحواته أن يطلق حملة إيمانية ابتدأها بقرار مضحك وساذج، بصبغ سيقان كل فتاة ترتدي تنورة تصل حد الركبة، ثم تفتق ذهنه الكبير عن خطة جديدة للقضاء على عملاء الغرب بان أمر عصابته أن يجوبوا في الشوارع ملقين القبض على كل من سوّلت له نفسه وأطلق العنان لشعر رأسه، وبعد أن أثقلنا طلفاح بقراراته التاريخية جاء ابن شقيقته "القائد الضرورة" ليطلق حملته الإيمانية الشهيرة التي انتهت بالعراق إلى الخراب اعتقد أن دولة واحدة في العالم، محترمة أم غير محترمة، كبيرة أم صغيرة، لم تقف أمام هذا النوع من الأسئلة الساذجة وليس هناك دولة في العالم تقارن منع الطالبات غير المحجبات من الدخول الى المدارس، وبين إنشاء قاعدة علمية رصينة ومحترمة، كما لا توجد أمة عاقلة في قارات الدنيا كلها تنحدر إلى هذا المستوى من القياسات والمقارنات فتضع مهمة تطوير التعليم أمام عدد من القرارات التي لا تربطها رابط ثم تجلس تفكر وتفكر أيهما أكثر جدوى، تبدو المسألة في ظاهرها وكأننا نخيّر بين خيارين على أساس الجدوى، غير أنها في جوهرها تضعنا أمام خيارين أحدهما علمي والآخر يتعلق بحرية الأشخاص وخياراتهم وحياتهم الخاصة. اكتب هذه المقدمة وأنا اشعر بالأسى والألم حين اقرأ إن العديد من المدرسين والمدرسات يعملون في المدارس الإعدادية والثانوية والابتدائية يقومون بفرض الحجاب على الطالبات، وبضمنهن طالبات من الديانة المسيحية، وتقول طالبة في هذا الخصوص: "إحدى مدرساتي طلبت مني أن أرتدي حجابا يدعى حجاب (الأميرة) وهو مشهور في الأسواق حيث يباع بمبلغ (4) آلاف دينار، وفعلا قام والدي بشرائه لي وأنا ارتديه في ذهابي إلى المدرسة".مضحك ومثير للسخرية أن يتصور البعض من المسؤولين أنهم يملكون ماء السماء الطهور ليمسحوا به نجاسة المجتمع، ومثير للسخرية أن تستخدم هذه الشعارات للتغطية على نهب أموال الدولة وانتشار المحسوبية والرشوة ومثير للسخرية أن نعيد على أسماع الناس خطب طلفاح، ووصايا "القائد الضرورة" التي استخدمت، لصناعة الدكتاتوريات والخراب. لا فرق بين جلاوزة طلفاح وهؤلاء المدرسين والمدرسات، لأن جميعهم يريدون تحوّيَل العراق إلى سجن كبير وثكنة عسكرية، وإذا ظهر العسكر اختفت الحرية وظهر الرعب والخوف والدمار.طلفاح ومعه ابن شقيقته تركوا العراق ملفعا بالخراب والدمار، والمصرون على تطبيق قوانينه يريدون العراق بلدا مثل قندهار، بأفكار تهدد الحاضر وتغتال المستقبل.أن الدول والشعوب تدخل التاريخ بما تقدمه من منجز حضاري وعلمي وثقافي، ولا تدخله بفرض الوصاية على طالبات قاصرات ولا في حراس الجامعات المتجهمين الذين يمارسون تخلفهم على طالبات يقبلن على الحياة بفرح وابتسامة، بمعنى أن عظمة الجامعات والمدارس لا تقاس بما تمتلكه من قوانين تحدد حرية الطلبة، بل بما تقدمه من علم وتربية، ومنجز حضاري. مثير للسخرية أن يبحث مسؤولو وزارتي التربية والتعليم العالي عن عراق يعيش أبناؤه متجهمي الوجوه، نادبين حظهم، يهربون من ملاذات الدنيا طلبا لنعيم الآخرة، فيما يتنعم السادة المسؤولين وأقاربهم والمقربون منهم والمتزلفون لهم بكل نعم الحياة، حتما سنصرخ جميعا وبصوت واحد لنقول لهم إن مثل تلك البلاد لم تعد تعيش في ضمائر العراقيين، فقد انتهى زمن طلفاح ووصايا القائد المؤمن.
العمود الثامن: طلفاح يعود الى المدارس والجامعات
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 24 أكتوبر, 2011: 09:18 م