TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > ما تحفظه الذاكرة عن نجيب المانع

ما تحفظه الذاكرة عن نجيب المانع

نشر في: 25 أكتوبر, 2011: 06:03 م

ياسين طه حافظسمعت اول مرة باسم الاستاذ نجيب المانع عبر حديث بين طلبة معنيين في الأدب بينهم الكاتبة المحترمة سميرة المانع والشاعر الكبير صلاح نيازي. كان ذلك حين كنا في دار المعلمين العالية، هما في السنة الرابعة لغة عربية وانا في الثالثة لغة انكليزية، بعد ذلك صرت اقرأ مقالات لنجيب.
في منتصف 1978-1979 توليت العمل في مجلة الثقافة الاجنبية وبدأنا الإعداد لإصدارها. وكان من بين هيئتها الاستشارية الاستاذ نجيب المانع . في 1979 كنت في لندن وهي السنة التي حطّ فيها المانع هناك، كما اتذكر. كان رجلاً ممتلئاً ولم يكن رجلاً سهلاً.كان هذا الرجل الممتلئ ثقافة، قليل الزيارات الى دار الشؤون الثقافية، كما لبقية دوائر ومؤسسات الدولة حتى مغادرته العراق. وما نشره في المجلة وما نشرته له الدار، كان بطلب وتكليف منا، وكان يلبي ما يرتضيه، مخلصاً لنفسه و لثقافته، فحين اتيت بمجموعة من سلسلة Twentieth Centaury Views كل كتاب منها هو مجموعة مقالات عن شاعر او كاتب، تولى الاستاذ جبرا ترجمة ديلان توماس ود. عناد غزوان والاستاذ جعفر صادق الخليلي لوركا ود. عبد الواحد لؤلؤة وليم بليك واختار الاستاذ نجيب المانع ، من القائمة، تولستوي، اقول اختاره هو لأن لهذا الاختيار معنى! ولا ادري ان كان ترجم الكتاب ام شُغِلَ عنه فنشر الكتب صار من مهام دار الرشيد.المهم ان آخر مقالة نشرها في المجلة هي ترجمته لـ "الجرح والقوس" لأدموند ويلسون في العدد الثاني لسنة 1981 وانقطعت اخبار نجيب!نجيب رجل عـف ويتمتع بنوع من الإباء الراسخ، إباء المثقفين الذين يرون انفسهم اكبر من التعالي، ايضاً من طلب الوصول والبحث عن رضا انطباعي عنه: كان رجلا واسع الثقافة، غير راضٍ لا عن الواقع الثقافي ولا عن المجتمع، سخط مكبوت يحكمه أدب جم!هذا الجانب الشخصي، رأيته ضرورياً فذكرته لأننا سنرى من بعد أثر هذا المزاج والنضج الانساني والثقافي متّضحاً في اختياراته لما يترجم وفي كل سيرته الثقافية. سألني مرة كيف ستختار المواد التي تترجمها للمجلة، اعني "الثقافة الاجنبية"؟ قلت له: حيرة هي، الخراب الثقافي كبير ونحتاج الى الكثير لعمرانه. فقال: هذا ادراك جيد ولزم الصمت.عند هذا اصل الى عالم نجيب المانع مترجماً، فأقول: ان المترجمين ليسوا في مستوى واحد من الاهمية، لا من حيث القدرة على الترجمة ، ولكن من حيث الكتاب الذي يترجمونه وجدواه، فهذا مترجم يقدم عملاً يؤثر في كتابة القصة المحلية وآخر يؤثر في نمط الكتابة الشعرية وثالث يحدث انعطافة في الرؤى النقدية واساليب كتابة النقد الادبي ورابع في الفكر والفن وهكذا .. عدا ذلك ، فهي حرفة نشكر القائمين بها ونمضي..اهمية نجيب المانع غير الواضحة هو انه اول من ترجم كتاباً تحليلياً في الموسيقى. فكتابه المهم جداً لكل مثقف: بتهوفن وتطوره الروحي، لـ سوليفان، كتاب مهم كشف لنا طبيعة الجملة الموسيقية، وتميّزها عند بتهوفن وتركيب المنجز السمفوني. وانه يصف تطور واتساع روح الموسيقى الكبير . نحن لا نملك في الموسيقى الغربية كتاباً مهماً غير هذا إلا كتاب الاستاذ طارق حسون فريد مع الموسيقى العالمية ، وهو عرض عام جيد للمنجز الموسيقي العالمي، لكن ميزة كتاب "بيتهوفن" انه كتاب كامل عن موسيقي واحد، وانه مثلما يتحدث عن فنه وابعاد هذا الفن، يتحدث عن الفنان الكبير وتحولاته الروحية. الكتاب يكشف لنا عالم بيتهوفن الروحي وعظمة فنـّه وروح العصر، فهو واحد من الكتب التي تُحدث ما يُسمى بـ " الهزَّة المعرفية" او " الرجفة المعرفية " بترجمة المانع.الكتاب صدر عن وزارة الاعلام سنة 1975 ونجيب هو الذي اختار الكتاب وقدّم طلباً لطبعه، ادراكاً منه لأهمية الكتاب الثقافية، فالكتاب جعلنا على ابواب ثقافة موسيقية من نوع متقدم وحديث وذي جدوى حضارية، وهذا ما أشرت له اول الكلام عن نجيب. نجيب رأيه في الموسيقى رأي مؤلف الكتاب سوليفان: "مَن يفهم الموسيقى من الناس، لا بـد من ان يتحرر بواسطتها من كل التعاسات التي يجررّها الآخرون معهم، اينما حلّوا..." 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram