TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > منطقة محررة: القذافي لـن يكون آخـر الـطـغــاة

منطقة محررة: القذافي لـن يكون آخـر الـطـغــاة

نشر في: 25 أكتوبر, 2011: 06:04 م

 نجم واليالديكتاتور صاحب الوجه الكريه ، بكل آثار عملية التجميل الفاشلة والواضحة عليه، إنتهى الأمر به هو الآخر للإختفاء في المدينة التي وُلد فيها، سيرت، مثل حيوان مذعور يلجأ إلى جحره هرباً من مطارديه، أية مفارقة. قبله تصرّف مجرم آخر من قامته، إن لم ينافسه بكبر قائمة ضحاياه، بالشكل نفسه، صدام حسين لجأ هو الآخر إلى مسقط رأسه، إلى مدينة تكريت، ولأن الإثنين تسابقا بالتعلم من بعض، أخفى القذافي نفسه مثل جُرذ على طريقة زميله صدام، صدام حسين إنتهى إلى حفرة صغيرة تحت الأرض،
القذافي إنتهى إلى أنبوبة للمجاري، ليس ذلك وحسب، عندما أُلقي القبض على صدام كان يحتضن حقيبة حوت مئات الآلاف من الدولارات، القذافي مسك لحظة القبض عليه مسدساً من الذهب! على أية حال على القذافي أن يحسد صدام حسين، لأنه وقع في أيدي جنود المارينز الذين عاملوه مثل أسير حرب، وليس كما حدث له عندما وقع في أيدي المتمردين، في حينه لم ينفعه بشيء، لا قوله لسجانه الذي أخرجه من بالوعة المجاري، أنه مثل أبيه، وأنه لم يفعل له شخصياً ما يستدعي معاملته بالطريقة "المذلة" تلك، ولا طلبه الرحمة وتركه على قيد الحياة، كأن القذافي عرف مصيره مقدماً، كلنا رأينا الصور الأولى التي بثتها قنوات التلفزيون، صور جثة القذافي تـُسحل في الشوارع، لم يكتفِ سجانوه بإطلاق النار عليه في رأسه، بل سحلوه مثل فطيسة، أعرف أن من الأفضل كان الإبقاء عليه حياً، تقديمه للمحكمة، ولكن من أجل أن يحدث ذلك، لابد أن يكون من يلقي القبض عليه، شخصاً لم يعانِِ من بطشه شخصياً، ألا يكون أحد ضحاياه، أو ألا يكون أحد الذين تربوا على يديه، 42 عاماً من البطش والإستبداد، من السجن والإذلال، 42 عاماً كان على الليبيين (وعلى العالم) أن يروا الديكتاتور الليبي وهو يتبختر أمامهم مثل الطاووس، الليبيون وفي الحالة هذه مثلهم مثل العراقيين، كان عليهم أن يختاورا مصيرهم بين أن يكونوا مسجونين أو مدفونين أو منفيين، وفي كل ذلك لم يفكر القذافي، أنه سينال العقاب ذات يوم على أيدي ضحاياه، حتى بعد أن تخلى أصدقاؤه الغربيون عنه، من ساركوزي وبرسلكوني إلى أوباما، ظن أنه سيظل جالساً على العرش، يملك في يده الصولجان، لم يظن أنه سيختفي بسهولة من المشهد العام، مثلما إختفى زملاء له من قبل وآخرون مثل الأسد وصالح في الطريق، على العكس، فلأنه سجل تاريخاً فريداً في سيرة الطغاة الذين سبقوه، ولأنه كان أول اسم تصدّر قائمة "المارقين" المطلوبين دولياً، في الوقت الذي كان فيه أمير الظلام "اسامة بن لادن" ما يزال يصطاف على شواطئ الريفيرا ويلعب القمار في موناكو، ظن أنه سيظل قائداً أبدياً أو ملك الملوك في أفريقيا (كما أطلق على نفسه) والعالم إلى الأبد! كيف لا يفكر بذلك، وطوال كل سنوات حكمه تحوّل إلى قبلة قصدها قطيع لا يُحصى من المثقفين "الردّاحين" (إن لم يتحول إلى خزينة لمنح الرشوات)، عشرات المؤتمرات نُظمت في ليبيا عن كتب القذافي، من كتابه الأخضر إلى مجموعته القصصية الأخيرة "دولة الحقراء"، قائمة المديح التي حصلت عليها الكتب هذه من مثقفي الأمة "الأشاوس ومثقفاتها "الماجدات"، طويلة لا يسعها عمود، بعضها تحدث عن البعد الفلسفي فيها، فيما اشاد الآخر بتركيزها "على نقد الحضارة الحالية"، (كما كتبت المصرية ميرال الطحاوي في دراستها عن "أوجه اليوتوبيا" في قصص "دولة الحقراء") كل الكتابات تلك هي في الحقيقة كذب وهراء وفساد وإفلاس لثقافة تنفـّست هواءً ملوثاً مثل هواء القذافي وغيره من حثالة الطغاة.  لا أدري أي كتّاب وكاتبات، مثقفين ومثقفات سيكتبون عنه في المرة هذه ؟ هل سينعون إنجازات "الإرهاب" الأخضر لدولة الحقراء، مثلما فعل أحد غلمانه، بعثي مخضرم في العراق، أم أنهم سيصمتون مؤقتاً بإنتظار ولادة نمط جديد من الطغاة ؟ لا أدري، كل ما أدريه، هو أن النهاية التي إنتهى إليها القذافي هي النهاية المحتومة لكل ديكتاتور، صدام حسين لم يكن الأول ولن يكون معمر القذافي الأخير!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram