عبد الخالق كيطان دخل نائب رئيس الجمهورية السيد طارق الهاشمي على خط "أزمة الاجتثاث" التي دشنتها وزارة التعليم العالي في العراق. وبعده دخل السيد صالح المطلك نائب رئيس مجلس الوزراء الخط ذاته، وأخيراً السيد محافظ صلاح الدين، المحافظة التي أخذت نصيب الأسد من إجراءات السيد علي الأديب بحق أساتذة جامعتها. فما هي القصة؟
تقول الأخبار، على لسان الأديب طبعاً، إن الوزارة لم تفعل أكثر من "تفعيل" قرارات هيئة المساءلة والعدالة بحق المشمولين بالاجتثاث. ويزيد: "هؤلاء يلقنون أبناءنا دروساً في الكراهية". ولكن المؤسف أن الموضوع لم يبتعد عن دائرة الاستقطابات الطائفية، والدليل هو أن الوزير من طائفة معينة والمعارضين لقراره من طائفة ثانية، هذا أولاً، وثانياً لأن الوزير الحالي اتهم بتصريح واضح سلفه بأنه حول الوزارة إلى مغلقة لصالح طائفته. بالطبع ثار "المقربون" من رئيس الوزراء، وأولهم السيد علي الشلاه، لنصرة الأديب، فقال الشلاه ما نصه: "ان اتهام العراقية لوزير التعليم العالي بالعنصرية غير صحيح ويستهدف المالكي شخصياً وائتلافه"، معلوم أن السيد الأديب يعد واحداً من "صقور" كتلة دولة القانون. والمشكلة بالأساس تكمن في المحاصصة كما تعلمون. لا يوجد وزير عراقي، إلا ما رحم ربي، لم يفعل ما فعل السيد الأديب في وزارته، إلا أن هذا الأخير زاد العيار حبة، كما يقولون، مما أدى إلى أن تثور ثائرة الأخوان في الطائفة الثانية، المستهدفة هنا. ودعونا نرجع إلى قصة الاجتثاث هذه، والتي يبدو أن الحكومة ترفعها مثل الكارت الأحمر بوجه من لا يماشي هواها، ولقد قلنا مراراً، كما قال ساستنا الجملة ذاته: دعونا نبدأ صفحة جديدة بعد سقوط نظام صدام ونفتح الأبواب والشبابيك للجميع، إلا من "تلطخت أياديهم بالدم العراقي". الوقائع على الأرض تقول بعكس ذلك. ثمة حرب شرسة تقودها الحكومة لتعزيز مواقعها من أجل أن تبقى. طبعاً، فهم لا يعملون لبناء مستقبل البلاد، بل لبناء مستقبلهم. وقد ذكرني صديق بما فعله صدام حسين في السبعينيات عندما بدأ بإزاحة أساتذة الجامعات من ذوي الميول الفكرية التي تخالف أهداف حزب البعث. اليوم تتكرر القصة ذاتها بمسمى الاجتثاث. إنهم لن يسمحوا إلا لأصحاب الفكر الذي يؤمنون به أن يبقوا في مناصبهم، وفي الطريق سيسمحون لمن يجاملهم، أو يتملقهم، أو يلبس المحابس في يمينه وشماله. والقصة مكرورة ومملة. ألم يتعرض قادة حزب الدعوة أنفسهم في السبعينيات للمصير الذي يدفعون الناس إليه اليوم لأنهم يختلفون عنهم في الأفكار والرؤى؟الثقافة الإقصائية ذاتها، ومن المؤلم أن تلبس اللبوس الطائفي، وبالرغم من دفاع رموز الطائفة الثانية المستميت عن المشمولين بالاجتثاث في عرف السيد الأديب، فإننا لم نسمع دفاعاً من ابناء طائفة الأديب ذاته، والذين يتعرضون لإجراءات قاسية في مدن الوسط والجنوب. هذا الكلام لا شأن له بمديح حزب البعث أو ذمه، بل في محاولة طي صفحات مؤلمة والبدء بصفحة جديدة.. ولكن...القرار واضح: إما أن تصيروا مثلنا: بلحى مشذبة ومحابس، وإما أن تخرجوا من العراق. لقد عملها صدام قبلنا، فلماذا أنتم مستغربون؟
عين :الخيط والعصفور فـي قصة التعليم العالي
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 23 أكتوبر, 2011: 09:23 م