عامر القيسي قضية الأقاليم ليست تقليعة ولا تقليدا، إنها قضية منصوص عليها في الدستور الذي شهد صراعات مضنية من أجل تثبيت الكثير من بنوده. وبرغم أن الدستور لم يكن متوافقا عليه الا انه في النهاية أصبح المرجعية السياسية في البلاد، حتى وان ظاهريا، وأحد أهم بنوده التي أختلف عليها هي قضية الأقاليم، وقد حسمت في النهاية، وأصبحت الأقاليم مفردة متداولة في القاموس الأدبي السياسي ولم تكن تثير الحساسيات السياسية بين القوى المختلفة على أصول الموضوع وفروعه،
حتى رمت محافظة صلاح الدين الحجر في المياه الراكدة لتحرك المشهد السياسي على خلافات جديدة كانت بانتظار من يرفع عنها الغطاء، ثم تبعتها مطالبات الأنبار التي انقسم مشايخها بشأن إطلاقها إقليما، وأخيرا القرار الدراماتيكي لمجلس محافظة ديالى التي شهدت اشد أنواع الانقسامات حول الإقليم الذي أعلنه المجلس!وشهدت المطالبات أنواعا متعددة من التهديدات لإجبار الحكومة الاتحادية على الالتزام بالدستور، وانطلقت تهديدات من نوع آخر للرافضين وصلت إلى حد نزول المسلحين إلى الشوارع مما يستدعي نزول مسلحي القوى المطالبة، ديالى نموذجا، كل ذلك يجري وسط عجز الأجهزة الأمنية عن ضبط إيقاع الجماهير المقتنعة منها والرافضة والمدفوعة والجاهلة ووسط اتهامات الحكومة للأهالي بقطع الطرق الخارجية ومناشدتهم بالتهدئة وكأنها لم تر ولم تعرف جيدا من سحق القانون تحت قدميه وتحدى الجيش والشرطة معا! أهذا ما وعدتنا به الأجهزة الأمنية بل والمالكي شخصيا الذي قال بأنه سيضرب بيد من حديد لأي تواجد للسلاح خارج القانون؟وبرزت في الفلوجة قوى "المقاومة" في يوم الوفاء لتعلن أنها صاحبة الفضل في "هزيمة" الأميركان وكانت كل الأعلام العراقية المرفوعة في تلك التجمهرات، أعلاما قديمة تنتمي لزمن مندثر، تحمل النجوم الثلاث الرامزة لشعار البعث المنحل "الوحدة والحرية والاشتراكية"، هذا فضلا عن بروز قوى مسلحة في بعض المناطق في بغداد والمحافظات تحت واجهات مختلفة، وهي القوى نفسها التي قالت في أكثر من مناسبة ان سلاحها لا ضرورة له بمجرد انسحاب القوات الأجنبية، لكن الذي حصل ان السلاح ظهر في الشوارع منذ اللحظات الأولى لاندلاع الخلافات بشأن الأقاليم، وهو على ما يبدو مهيأ لأن يظهر في اي مشكلة بين شخصين من اجل أسبقية المرور في الشارع أو التقاطعات المرورية أو لسحق وتركيع الخصوم السياسيين!!وفي غير ما يقال من أن هذه المشاكل بسبب سياسة الحكومة التهميشية والاقصائية والتفردية، فان الوضع الجديد ابرز بما لا يقبل مجالا للشك هشاشة وحراجة وتعقيدات الموقف الحكومي والأرضية السياسية التي كانت تنطلق منها سياساتها الارضائية من أجل المكاسب والحصول على البطاقات الخضر لتمرير هذه القضية أو تلك، ومانحصده الآن وفي المستقبل القريب هو نتاج تلك السياسة غير الحكيمة. لقد تغاضت وصمتت الحكومة على الكثير من التجاوزات ، مثل التهديدات المباشر، والاستعراضات شبه العسكرية ،والتغطية على الفساد المالي لاعتبارات حزبية ضيقة ،والخضوع لبعض الأجندات الإقليمية، مما جعلها في موقف لا تحسد عليه في مواجهة كل التحديات مع انسحاب آخر جندي أميركي وانسحاب العراقية من اجتماعات مجلس النواب!!ما هو الحل ؟الجواب يأتينا سريعا من الحكومة :كل شيء هادئ على الجبهات!!
كتابة على الحيطان :على هامش الانسحاب!
نشر في: 18 ديسمبر, 2011: 10:37 م