اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > علية جميل: إنها الحمى الثورية أصابتني من الشرق الأوسط !

علية جميل: إنها الحمى الثورية أصابتني من الشرق الأوسط !

نشر في: 24 أكتوبر, 2011: 06:11 م

عادل العامل هناك في كينيا نكتة مشهورة على مدى أجيال عديدة تقول " إذا أرَدتَ أن تُخبّئ مالاً عن كيني، ضعه في كتاب ". و في الوقت الذي أقيّم فيه حس الدعابة المستخفّة بالذات، فإني أجد صعوبةً في تقبّل هذه المقولة النمطية stereotype بأن الكينيين لا يقدّرون المعرفة.
و على مدى الأشهر الستة الماضية، رحتُ أكرر هذه النكتة هنا و هناك، و إنه لَمن الممتع مشاهدة كيف كان الناس يستجيبون لذلك. فحين أروي النكتة في المكاتب المتباهية بسجّادها الأحمر العتيق، و أرضيتها المبطّنة بالجلد، غالباً ما يقهقه الناس بصوتٍ عالٍ، و يهزّون أكتافهم، و يبدأون بإلقاء محاضرة طويلة ، كيف أن الكتب مهمة جداً. و يمكنكم هنا أن تكونوا واثقين من شيئين : أن الكتب التي يعتبرها هؤلاء الأشخاص " مهمة " هي الكتب المدرسية، و الأدهى من هذا أن الشخص الذي يُتعبني بمحاضرته لم يكن قد قرأ كتاباً منذ قبل أن تكونوا قد وُلدتم!و بيّن أولئك الذين يكون الكتاب بالنسبة لهم في الغالب مصدَّراً بـ “Face”، و تجري محادثات تويتر في سلسلة من 140 شخصية، يتولد لديّ اثنان من ردود الأفعال : إما ابتسامة إقرار ذاتي، أو هزة من الكتفين، أو بالنسبة لأولئك الذين هم قرّاء عاطفيين، هزة بطيئة من الرأس، لكن ما تزال هزة من الكتفين معها. ألا يقول ذلك شيئاً ما عن كيف أننا كأمة نقيّم المعرفة، حين يكون رد فعلنا على مثل هذه المقولة الانهزامية هزّة بسيطة؟ إن النكات القومية تجعلنا نضحك لأنها تقوم على كليشة، لكن هناك عادةً في الواقع شيء من الحقيقة وراء المقولة النمطية، و هو السبب ذاته في ضحكنا لتعبير " الزمن الأفريقي ". و ليس لديّ في الغالب سوى بساطتي أضحك منها حين أظل أنتظر ساعةً من الزمن شخصاً ما يقول أنه لم يبتعد سوى خمس دقائق. ألا تعكس النكات أيضاً قيماً قومية؟ أليست النكات التي نرويها وسيلةً لتعريف أو تحديد أنفسنا؟و كشابّةٍ، فإني غالباً ما أجد أن مسألة الهوية الكينية يجري مناقشتها بحرارة في الحانات، و حول موائد الغداء أو العشاء، و على الأنترنت. و أنا أرى جوعاً حقيقياً لدى جيلنا لاصطناع هوية جديدة لنا ــ لإعادة تعريف ما يعني أن يكون الواحد كينياً. فقد مللنا من وجهة النظر الجاهلة التي تقرن كينيا فقط بالحياة البرية، و الأطفال الميّتون جوعاًً و الرقصات التقليدية، فنحن لدينا نحو 9 ملايين مستخدم انترنت، و نرسل نقوداً إلى الوطن مستخدمين هواتفنا النقّالة، بل وحصلنا على موقع للتوجه إلى تويتر.إن القراءة تفتتح كلماتٍ جديدة : إنها تزيد من التقمص العاطفي empathy والنشاط العقلي، و تنمّي القدرة على التفكير بشكلٍ إبداعي. فهذا هو عصر المعلومات، الزمن الذي ستكون فيه قدرتنا على التفكير بشكل إبداعي أمراً حاسماً بالنسبة لقابليتنا لحل مشكلاتنا ،و يتوجب عليّ أن أسأل : في مصلحة مَن يا تُرى لا نقرأ نحن الكينيين؟ ربما هي الحمّى الثورية تنتقل لي من الشرق الأوسط، لكن أليس ذلك هو الطريقة الأسهل للتحكم بمقاومة تأبيد الجهل؟و لنعد إلى النكتة، لماذا هي مضحكة، يا تُرى؟ فليس هناك لعب بالكلمات و ما لم أفتقد شيئاً ما، ليس من فكاهة خشنة فيها، لكن انتظروا ــ هناك التواءة غير متوقعة. " إذا أردتَ أن تُخبّئ مالاً عن كيني، ضعه في كتاب ". أكنّا، كل هذا الوقت نفكر بأن الكنز الحقيقي هو المال؟ إذا كان الأمر هكذا، ألا تكون النكتة هي علينا؟ فهل سنقبل بهذا التعريف لنا ككينيين؟ أليس هو وقت القيام بعملٍ ما في ما يتعلق بذلك؟ إنني أتحداكم هنا للالتحاق بـ ( ثورة القراءة ) ــ دعونا ننشىء أمةً أكثر براعةً. و التحدي الشخصي : قولوا لي نكتةً، نكتةً تجعلني أضحك و تعرّف الكينيين مع هذا بما نريد أن يعرَّفوا به. و عندئذٍ، يمكننا، أخيراً، أن نترك تلك المقولة النمطية التهجمية ترتاح. عن/ The Telegraphــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ* الكاتبة الكينية،علية جميل : Aleya Jamel  ، مسؤولة عن برنامج ( الترويج للقراءة ) في دار Storymoja للنشر، و مقرها الرئيس في العاصمة الكينية، نيروبي. و مقالتها هذه لمناسبة مهرجان Storymoja Hay الثقافي في نيروبي في الفترة 15 ـ 18 أيلول الماضي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بسبب الحروب.. الأمن الغذائي العالمي على حافة الهاوية

اعتقال "داعشي" في العامرية

التخطيط تبين أنواع المسافرين العراقيين وتؤكد: من الصعب شمول "الدائميين" منهم بتعداد 2024

هروب امرأة من سجن الاصلاح في السليمانية

وفاة نائب عراقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram