د. عبد اللطيف جمال رشيد كانت التغيرات في المناخ سبباً في ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى ما نسبته 60 درجة مئوية، خلال القرن العشرين "الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، 2001"، والتوقعات تفيد بأن هذه الزيادة سوف تتجاوز حدود 1,4 إلى 5,8 درجة مئوية عام 2100، معتمدةً بذلك على مستوى الاحتراق الذي ينجم عن الوقود المستخرج من الأرض, وأكثـر هذه الزيادة في الارتفاع سيكون بسبب زيادة كتل الغازات المركّزة التي تنطلق من البيوت الزجاجية "الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، 2007".
بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة مابين 1 إلى 2,5 مئوية خلال عام 2030, فمن المتوقّع أنّ مليارات البشر وخاصّةً في الدول النامية سيواجهون التغييرات في نزول مياه الأمطار ونقصاً حاداً في المياه والجفاف والفيضان. ستؤثر هذه الأحداث في زيادة إفساد الأرض وفقدان الحياة عليها. وستؤثر تغيرات المناخ أيضاً في فصول النمو وإنتاج المحاصيل النباتية والثروة الحيوانية وأمن الطاقة.وبذلك تكون هذه التغييرات في المناخ ذات تأثيرٍ مباشر على المجتمعات غير الحصينة ولكن هذا التأثير سواءً كان موجوداً أم غير موجود فلا تزال هناك تحديات أكثر قسوة ذات صلة بالأمن الغذائي والصحّة والفقر.إنّ تغييرات المناخ الحساسة هي بمثابة قضايا بيئية هامّة وتشكّل تهديدات جدّية للشعوب الفقيرة وغير الحصينة على امتداد العالم وتجلب المخاطر الكبيرة مثل نقص الطعام وانعدام الأمن والأمراض جاعلةً السكان في مخاطر واسعة من حيث الصحّة وسبل العيش وبهذه الحالة تكون المجاعة في العالم قد ارتفعت لتشمل أكثر بكثير من مليار إنسان. ومن الضروري أنْ يكون تغير المناخ دافعاً آخر لإدارة الأرض والبيئة وتقديم الطرق للوصول إلى القوانين ذات الصلة بنصوص "اتفاقية مكافحة التصحّر وإحصاءاتها...الخ" وتعزيز سبل الحياة وإدامة الإنتاج لمواجهة الجوع, أمّا بخصوص منطقتنا والشرق الأدنى الذي يتكوّن من 32 بلداً في وسط وغرب آسيا وشمال أفريقيا, ويبلغ عدد سكان هذه المنطقة (حسب تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة الدولية (فاو) نُشِرَ عام 2005)، أكثر من 720 مليون شخص موزعون بشكل متفاوت بين بلدٍ وآخر، كما هو الحال بين بعض الأقطار التي يبلغ عدد نفوس أحدها حوالي نصف مليون نسمة بينما يبلغ عدد نفوس دول أخرى أكثر من 170 مليون نسمة. وتعتبر منطقة الشرق الأدنى أكثر مناطق العالم نقصاً في المياه, ففي تقرير آخر لمنظمة الأغذية والزراعة الدولية (فاو) نُشِرَ عام 2007 ذكر أنّ مستوى المياه للشخص الواحد عام 2005 بلغ 1,700 م3، مقارنة مع النسبة العالمية لحاجة الفرد من المياه وهي حوالي 8,500 م3, أمّا في منطقتنا فكميات المياه للفرد قليلة وتتراوح ما بين 8 م3 إلى ما يقارب 7000م3 للفرد الواحد في بعض الحالات.ويؤدي النقص في المياه المتوفرة إلى العجز الزراعي الذي يعرف بانخفاض وفرة التربة الرطبة تحت المستوى المطلوب للمحصول خلال كل مرحلة نمو مختلفة مؤدية إلى نتيجة إنماء ضعيفة في المحاصيل الزراعية.تبدأ نتائج الجفاف الهيدرلوجي حين تبدأ النواقص في الترسّبات بخفض مصادر المياه الموجودة فوق الأرض والمياه الجوفية أيضاً. ويحدث هذا حين يكون هناك نقصٌ في مصادر المياه وخاصة الأمطار في ظروف اعتيادية أو في حالة نضوب المياه الجوفية.وتكون تأثيرات المناخ على المستويين الاقتصادي والاجتماعي مباشراً على النشاطات الإنسانية في مجالاتها المختلفة بفعل انخفاض معدلات هطول الأمطار والثلوج وما يتصل بها من وفرة المياه. وهذا واضح في المستوى المدروس للظروف المحيطة وخلال مرحلة زمنية واسعة.أمّا بخصوص العراق فإن أحداث الجفاف - مثلاً- بين عامي 1999-2000 وطبقاً لما جاء في تقييم الأمم المتحدة كانت هي الأسوأ خلال الخمسين عاماً الأخيرة "منظمة الأغذية والزراعة الدولية / فاو 2004" فسهْل الموصل والذي يسمى بـ (سلة خبز العراق) والذي يجهز ما يعدل 70% من حبوب العراق لم يحصل سوى على نسبة 20% من مياه الأمطار خلال هذه المرحلة وكذلك الحال بالنسبة الى نهري دجلة والفرات فقد انخفضت نسبة المياه فيهما الى نسبة 20% من المستوى المطلوب. وقد ادّى هذا النقص في المياه الى خفض نسبة الإنتاج الزراعي وخاصة القمح والشعير والرز الى 75% مقارنةً مع السنوات السابقة.كما أثّرت قلة الأمطار والثلوج إضافة الى سياسات بعض دول الجوار السلبية تجاه العراق في السنوات الأخيرة على انخفاض كمية المياه في نهري دجلة والفرات وتدهور نوعيتها في النهرين وكذلك في شط العرب والأهوار والأنهر والرافد الأخرى كما في منطقة خانقين وأماكن أخرى ما أدّى إلى نتائج كارثية على صعيد الإنتاج الزراعي والحيواني والحالة المعيشية. التأثيرات المحتملة لتغيّر المناخ على الجفاف في الشرق الأدنى لقد ادّى الجفاف الواسع نتيجة التغيرات المناخية في الشرق الأدنى بداية القرن الحادي والعشرين إلى آثارٍ مباشرةٍ على المواطنين وخاصّةً في حياتهم المعيشية والبيئية.تذكر التقارير العلمية أنّ عام 2100 سيكون معدّل الكلفة 2,5% في المناطق المتأثرة بالتغير المناخي العالي كبعض الأجزاء من الشرق الأدنى وخاصّة الشرق الأوسط, بينما يكون معدّل الكلفة على أفريقيا والشرق الأوسط ما نسبته 3,5% متأثّرةً بالتغير المناخي.ومن أجل درء خطر التغيرات المناخية والحد من خطورتها وآثارها
تغيّـرات المنـــاخ وإدارة الميـــاه
نشر في: 24 أكتوبر, 2011: 06:28 م