TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق : الحقد "المقدس"!

سلاما ياعراق : الحقد "المقدس"!

نشر في: 26 أكتوبر, 2011: 08:18 م

 هاشم العقابيمن بين ما سمعناه، وقد نكون اقتنعنا به مرغمين او عن جهل بمعناه من يوم كنا تلاميذ، هو  شعار "الحقد المقدس". الحقد الذي هو صنو الكراهية او اشد منها. انه عكس الحب الذي يستحق التقديس فعلا. وقاتل المقدس لا يمكن ان يكون مقدسا. وحين دخلت الجامعة المستنصرية ما زلت اتذكر رئيس ما يسمى بالاتحاد الوطني لطلبة العراق ، الذي كان من أغبى الأغبياء دراسيا، وهو يقرأ علينا خطابا مكتوبا يمجد به الحقد واهمية تقديسه وربعه من حوله يصفقون له.
 خلاصة ما كان يريد قوله هو ان حزبه يسعى الى بناء امة حاقدة والا فان أعداءها سيقضون عليها. ولا ادري ما معنى حياة امة تزرع الحقد وتجتث المحبة والتسامح؟لم يشعرني حديث رئيس الاتحاد، في آنها، بالرعب بقدر ما اشعرني بالقرف. كنت لا ارى فيه غير مخبول يصف السرطان بالمرض الجميل. ولان المتحدث يمثل السلطة فليس من المعقول ان يرد عليه احد، خاصة ونحن كنا في زمن كان الراد به على السلطان كما الراد على الله او اكثر. لم يبق لي غير ان اطوي تلك اللحظة المقرفة في ملف النسيان لأكبتها مع سجل المكبوتات في النفس.وكل مكبوت لا يموت بل يدفن حيا في قرارة اللاشعور. فلا نستغرب ان هو شق كفنه في لحظة من اللحظات لينكد علينا حياتنا. لست وحدي من لاذ بدفن مكدرات الحياة في عقله الباطني، فالشعوب المقهورة عادة لا تجيد غير المقاومة بالحيلة التي يعد الكبت من اول اسلحتها. وكتاب جيمس سكوت في هذا الشأن يستحق القراءة حقا لمن يبحث عن تفصيل أكثر عن كيف يهمس المحكوم من وراء ظهر الحاكم.بات واضحا ان كظم الجوانب الهدامة في نفوسنا، خاصة نحن العراقيين، يلعب دورا فيما نراه اليوم من نزعات عدوانية بين السياسيين، وكذلك بين الناس العاديين، تستهدف تسقيط الآخر الى حد تصفيته جسديا او اجتماعيا. وقد يكون هذا الآخر فردا أو حزبا او عشيرة او قومية او طائفة.كل هذا لا يعني ان نكون متشائمين. ففي شعبنا مازالت هناك قلوب عامرة بالمحبة ترصد ظواهر الحسد والكراهية والعداوة والقسوة فتنبذها بالقول والفعل. تظاهراتنا السلمية نموذجا. اننا لا نحتاج الى غير مواجهة صريحة وصادقة لمشكلاتنا. فالسكوت عما يدور في دواخلنا من رواسب هدامة، بحجة احترام مشاعر الشعب، او عدم كشف المستور، قد يقودنا الى ما هو اسوأ. علينا ان نحرر انفسنا من رق الكراهية وتقديس الحقد الذي انسانا أنفسنا وجعلنا نستطيب اغنية "الا احرك قلبك" التي سمعت جمعا من اطفالنا يغنيها ذات يوم. وهذا لا يتم الا بتحويل المحبة الى قيمة تجد لها محلا في قلوبنا ومجتمعنا كي يصبح مجتمعا منظما ومتمدنا. مجتمع يغني اطفاله مع ابائهم وحكامهم من اجل إحياء القلوب، لا من اجل إحراقها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram