TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > العراق بين الأزمة والتوافق

العراق بين الأزمة والتوافق

نشر في: 19 ديسمبر, 2011: 07:23 م

حسين علي الحمداني أسئلة الشراكة تعيد طرح نفسها من جديد في عراق ما بعد الانسحاب الأمريكي ،أحد أبرز هذه الأسئلة ماذا يريد زعماء القائمة العراقية ؟ ما هي الأسباب التي دفعتهم لتعليق عملهم في البرلمان العراقي؟ تلك هي الأسئلة التي يجب أن تطرح من قبل الشعب العراقي على زعماء العراقية ، وأن يكون قادة القائمة أكثر صراحة في الإجابة بدل أن يستخدموا تعبيرات إنشائية لا تقدم للحقيقة سوى الوجه الذي  يريدون تقديمه خاصة وإن هنالك شركاء في العملية السياسية.
يمكننا القول بأن أبرز مشاكل القائمة العراقية الآن وفي الماضي أنها ارتكزت على أوهام السلطة من خلال عدد كبير جداً من قيادييها الذين لا يمكن لهم أن يتعاملوا إلا من خلال كونهم أصحاب القرار وليس شركاء في حكومة كان يمكن أن تشكل بدونهم من دون أن تكون هنالك تداعيات كبيرة ، لاسيما إن الأغلبية السياسية المطلوبة دستورياً لتشكيل الحكومة العراقية عام 2010 موجودة من خلال التحالف الوطني والكردستاني ودولة القانون ، بدليل انسحاب أعضاء القائمة العراقية من جلسة التصويت لرئيس الجمهورية ،ومع هذا فإن النصاب القانوني لم يختل وسارت العملية بشكل صحيح وسليم وهذا ما يمكن اعتباره رسالة قوية جداً بأن هنالك أغلبية سياسية قادرة على تشكيل حكومة بمفردها، ولكن وجود الأمريكان في العراق ودورهم في صناعة القرار آنذاك سمح بشكل أو بآخر بأن تكون هنالك حكومة شراكة أخذت فيها قيادات القائمة العراقية مناصب كبيرة وكثيرة منها نائب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ونائب رئيس الوزراء ووزارء بعدد يتناسب ومقاعدها في البرلمان.وهنا نجد وبعد مضي أكثر من سنة على تشكيل الحكومة العراقية ،  أن خطاب القائمة العراقية مازال يفتقد الواقع المعاش ، الواقع الذي يؤكد أن هنالك شراكة في إدارة البلد وأن هذه الشراكة كانت ومازالت قائمة في السلطتين التنفيذية والتشريعية بدليل إن هنالك الكثير من القوانين لم تُسنّ حتى هذه اللحظة لعدم وجود توافق وطني حولها، وعدم وجود هذا التوافق يعني وجود شراكة بطريقة أو بأخرى وإلا لطرحت هذه القوانين للتصويت وتُمرر بالأغلبية المعروفة دستورياً . ولعل ما أغضب زعماء القائمة العراقية في الأيام الأخيرة هي زيارة المالكي واشنطن،هذه الزيارة التي ربما ستغير الكثير من المعادلات والتوازنات في البلد لأن الوفد المرافق للسيد رئيس الوزراء لم يضم من الشركاء سوى وزير الدفاع المكلف وكالة بإدارة هذه الوزارة التي تُصر القائمة العراقية على إنها من حصتها وقد طرحت عددا كبيرا جداً من المرشحين لشغلها لم ينالوا رضا المالكي أو التحالفين الرئيسيين في الحكومة وهما الوطني والكردستاني على خلفية إن أغلبهم من المشمولين بالمساءلة والعدالة أو لعدم كفاءتهم ، وهذا ما عزز القناعة لدى القائمة العراقية بأن هذا المنصب لن يكون لها،خاصة إن اتفاقية أربيل أكدت  أن يكون هذا المنصب لمُكون من مكونات الشعب العراقي وليس بالضرورة للقائمة العراقية . لهذا فإن اختيار هذا التوقيت بتعليق نشاطات نواب القائمة العراقية في مجلس النواب مع تواتر أخبار عن وضع استقالات لوزراء القائمة تحت تصرفها ، يبدو أن الأمر يمثل نقطة ضغط على حكومة الشراكة من أجل تحقيق مكاسب جديدة ،  لاسيما إن العملية السياسية في البلد تسير وفق ثنائية الأزمة والتوافق ، والأزمة هنا أكثر من واحدة ، أزمة الأقاليم سواء في صلاح الدين أو ديالى والتي تتهم جهات حكومية القائمة العراقية بالوقوف وراءها لأنها تحظى بأغلبية نسبية في كلتا المحافظتين تمكنت من خلال هذه الأغلبية  إعلان صلاح الدين وديالى أقاليم إدارية واقتصادية على الرغم من وجود مناطق خاضعة للمادة 140 في المحافظتين ، وعلى ما يبدو فإن التوقيت مناسب الآن لزيادة الضغط عبر تعليق نواب العراقية عملهم في البرلمان. لكن السؤال هنا:هل ستنجح العراقية في تحقيق ما تريده ؟ وهل تحولت عملية الصراع بين علاوي والمالكي إلى  صراع من نوع آخر قد يجر البلد لاحتمالات الفوضى من جديد؟ يبدو إن الهدف من هذا يتمثل بمحاولة خلق أزمة من أجل إيجاد توافق جديد قد يعيد للعراقية منصب وزير الدفاع الذي تسعى للحصول عليه أو يتم إحياء مشروع مجلس السياسات الستراتيجية الذي تنازل عنه الدكتور علاوي ولم تتنازل العراقية عنه بعد.   لكن في كل الأحوال ما يحصل الآن في العراق مسألة من وجهة نظري طبيعية ، إذا ما نظرنا إليها بأن الاحتلال الأمريكي كان بشكل أو بآخر يدعم طرفا على حساب الآخر ، وبالتالي فإن هذا الحال أوجد زعامات وهمية إن صح التعبير ، هذه الزعامات اعتادت في السنوات الماضية الظهور الرسمي ، اكتشفت بعد انسحاب الأمريكان بأنها باتت خارج اللعبة السياسية ، فالمالكي في رحلته  إلى واشنطن لم يأخذ معه إلا من أراد أخذه ، وبانيتا في بغداد لم يستقبل أو يلتقي سوى من يمثلون الحكومة ، وقبله نبيل العربي أمين عام الجامعة العربية اكتفى بلقاء المالكي والنجيفي باعتبارهما يمثلان السلطتين التنفيذية والتشريعية.لهذا فإن هذه المرحلة تمثل مفترق طرق للسياسيين العراقيين  وتحدد مستقبلهم في البلد ، خاصة إن خروج الأمريكان كشف ما كان مستوراً في السابق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram