TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: قاسم عطا يبحث عن إذاعة بغداد

العمود الثامن: قاسم عطا يبحث عن إذاعة بغداد

نشر في: 26 أكتوبر, 2011: 09:28 م

 علي حسين أكاد ألمح علامات الحيرة في وجوه العراقيين وهم يسمعون السيد قاسم عطا يعلن وبصريح العبارة ان الحكومة كشفت مخططا للاستيلاء على السلطة ، وبالتاكيد فان ملامح الحيرة ستنقلب الى ملامح رضا عند المسؤولين  وهم  يرصدون  انشغال العراقيين يوميا بملف جديد تخرجه الحكومة من ادراجها ، ذلك أن ظهور  مثل هذه القضايا في هذا الوقت،
بحد ذاته، فرصة لتواري واختفاء  ملفات شديدة الحساسية انفتحت فجأة على غير رغبة الحكومة وفي توقيت أربكها  وأصابها بانزعاج شديد، من ذلك مثلا حديث الخدمات وغياب الكهرباء وملفات الفساد التي يحاول البعض بشتى الطرق التعتيم عليها.  في كل مرة تضعنا الحكومة امام خيارين لا ثالث لهما، الاستقرار أم الفوضى، هذا الخيار يطرح في كل أزمة تواجهها الحكومة، طبعا مع الاشتباك الدائر حول أيهما أفضل للناس، أن يحصل علاوي على مجلس السياسيات ام تستمر الوزارات الامنية شاغرة ، نستغرق مع الحكومة  في الحديث الصاخب عن الانقلابات العسكرية والمؤامرات التي تحاك في الظلام ام نكرس الجهود للبناء والتنمية وتطوير قدرات العراقيين وتأسيس دولة المواطنة ، للاسف مايزال البعض مصرا على  أن لا تحريك لأي ملف ما لم يتم الانتهاء من قضية حزب البعث والتي اصبحت مثل الشماعة التي تعلق عليها الحكومة كل مشاكل العراقيين ، واتمنى الا يفهمني البعض خطأ ويتصور انني ضد اقصاء مجرمي البعث من العملية السياسية ومحاسبتهم، ولكني استغرب ان يتم تضخيم اهمية البعث في هذا الوقت الذي يواجه فيه هذا الحزب اكبر انتكاسه له في تاريخه فبعد احداث سوريا ، وقرب نهاية مجنون اليمن اصبح البعث من الماضي ، فالحزب الذي حاول ان يوهم الناس بشعارات  القومية العربية وتحرير فلسطين اثبتت الوقائع ان شعاراته  كانت السبب في خراب هذه الامة وان هذه الاكاذيب  لن تجد لها سوقا رائجة بعد اليوم. لا اعتراض مطلقا على مناقشة خطورة الافكار الارهابية والظلامية وتحذير الناس منها  واتخاذ الاجراءات التي   تخدم مصلحة الوطن واستقراره، لكن كل ما نرجوه أن نكون عادلين، ولا نكيل بمكيالين، نغض الطرف و نقف متفرجين على سوء الخدمات وتقصير الحكومة ونهب المال العام وتفشي التزوير والرشوة، بينما نقيم المؤتمرات والندوات لشرح خطورة الانقلابات العسكرية ، نتصنع كلاما منمقا عن الضحايا وضرورة الاقتصاص العادل لهم، ثم نهمل بكل استهتار عوائل هؤلاء الضحايا الذين يعيشون في ظروف حياتية بائسة، لا نتذكر شهداء العراق الذين ضحوا في سبيل الخلاص من دكتاتورية صدام بينما نفرط في الحديث عن جرائم النظام السابق، نتحدث عن الاجتثاث ونطارد الابرياء في اماكن رزقهم بينما برلماننا الموقر يضم شخصيات كان ولاؤها مطلقا للبعث وقادته ، بل البعض منهم بنى تاريخه السياسي على علاقتة بنظام القائد الضرورة. السؤال الذي يسأله كثيرون هو: هل سيكون من العدل أن نطارد الاف الموظفين البسطاء ونزيح العديد من الكفاءات من مناصبهم بدعوى الاجتثاث ، بينما بعثيون كبار ينعمون بكل الامتيازات ، هل من المعقول ان نقف مع حزب البعث في سوريا الذي يوفر الحماية والمكان لقادة ومجرمي البعث الكبار ، وفي الوقت نفسه نرفع سيف الاقصاء بوجه اناس ذنبهم الوحيد انهم عاشوا في ظل جمهورية الخوف التي اسسها صدام.  كنت أعتقد أن الخطر الأكبر الذي يواجه الحكومة هو الفساد المستشري وغياب الكفاءات والهدر للمال العام، لكن السيد قاسم عطا  فاجأني بأن كل ذلك ليس هو الذي يزعج الحكومة، بل هو انقلاب عسكري اضطر السيد الناطق ان يبحث ليلا عن اذاعة بغداد ليعلن للعراقيين البيان رقم (1) ويزف لهم بشرى الانتصار والقضاء على الانقلابيين.. والله أكبر والنصر لنا. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram