□ عن: نيويورك تايمزبالنسبة للجيش والمارينز الذين تكبدوا 4500 من القتلى و اكثـر من 30 ألفا من الجرحى معظمهم من المعاقين، فان أطول ثاني حرب في تاريخ الولايات المتحدة قد انتهت، واليوم يعود الاميركان الى بلدهم.
لقد انجزت المهمة، لكن بعد اكثر من ثماني سنوات هل تم انجازها فعلا ؟اكثر من نصف الأميركان يقولون ان الحرب لم تكن تستحق ذلك. فالقاعدة مستمرة بتنفيذ هجماتها، و المليشيات المدعومة من ايران مازالت تعمل فضلا عن بعض الاشكاليات بين اقليم كردستان وحكومة بغداد، فالعراقيون قلقون من عودة الاقتتال الطائفي بعد رحيل القوات الاميركية. ليس كل الاميركان سيعودون الى بلادهم، حيث سيبقى حوالي ستة عشر الف مقاتل في القلعة الضخمة التي ستضم سفارة الولايات المتحدة، و في القنصليات المحصنة في البصرة و اربيل و كركوك. هذه المواقع الأربعة ستكون مكتفية ذاتيا و سيكون من فيها من الافراد بعيدين عما اسمته صحيفة وول ستريت بالموقف الأمني الخطير في شوارع بغداد. في كل موقع دبلوماسي، سيكون هناك عدد كبير من المتعاقدين الامنيين الاهليين يوفرون الحماية و التنقل الآمن للدبلوماسيين. من جانبه حذر السفير الاميركي جيمس جيفري من المخاطر التي تنتظر الدبلوماسيين الاميركان الذين يخاطرون بالخروج من المجمعات. و قد ذكرت ان بي سي هذا الاسبوع بان قافلتين من عشر عجلات محملة بقوات امنية من بلاك ووتر كانت ترافق معلمين اميركان الى اجتماع في احد فنادق بغداد. ما النصر الذي حققناه اذا كان الاميركان في العراق يخشون على حياتهم بعد ثماني سنوات من إسقاط صدام و تنصيب حكومة ديمقراطية ؟ هل كسبنا " قلوب و عقول " الشعب العراقي الذي يحرق العلم الاميركي في الفلوجة احتفالا برحيلنا ؟ لماذا لم تجر مسيرات احتفالية يشيد فيها العراقيون بالاميركان الذين حرروهم من استبداد صدام ؟ ماذا حققنا اذا كانت كراهية اميركا منتشرة لدرجة ان دبلوماسيينا يعيشون في خطر مستمر ؟يقول فريد كوغان من الجمهوريين الجدد ان الذين يعتقدون بان الامور ستسير على ما يرام بعد رحيل الاميركان فانهم واهمون. ان ادارة اوباما تفتقر الى الرؤية و الستراتيجية، و ان نظام الحكم في بغداد يفتقر الى القدرة على حماية المصالح الاميركية الصميمية في العراق من بينها ضمان عدم انهيار الدولة، و عدم اندلاع الحرب الاهلية، و عدم تزايد النفوذ الايراني، و عدم قيام القاعدة او المليشيات الايرانية بتأسيس ملاذ لها في العراق. بالاضافة لذلك فان رئيس الوزراء نوري المالكي لا يفعل شيئا حيال التسوية السياسية الاثنية و الطائفية. بالنسبة للسيد كوغان المتحمس للحرب، فان كل ما كسبه الاميركان على مدى تسع سنوات محفوف بالمخاطر. لكن اذا لم تكن هناك ضمانات بعدم حدوث مثل هذه الكوارث خلال الاشهر القليلة التي تعقب رحيل الاميركان، فأي نصر هذا ؟ ماذا حققنا في حرب كلفتنا الدماء الغزيرة – من العراقيين و الاميركان – و الاموال الطائلة ؟ خاطب الرئيس اوباما القطعات في قلعة براك " نحن نترك وراءنا عراقا مستقرا، ذا سيادة، معتمدا على نفسه، لديه حكومة تمثيلية منتخبة من الشعب". هل فعلنا ذلك حقا ؟الجماعات المتطرفة قامت باجتثاث نصف المسيحيين و هرب الباقون من البلاد. المالكي يتحرك ضد مقاتلي حركة الصحوة الذين اقنعهم الجنرال بترايوس بمحاربة القاعدة مقابل دمجهم بقوات الجيش العراقي. السنة يرون انفسهم مهمشين في بلد سادوا فيه عبر التاريخ. القاعدة مستمرة بهجماتها الارهابية ضد المدنيين من اجل تأجيج الحرب الطائفية. و بينما يتوجه الاميركان الى الكويت، فان ايران تبذل جهدها لتحل محل اميركا كنفوذ اجنبي مسيطر في بغداد. لقد انخدعنا بحقائق مزيفة، فلقد صدّقنا ان صدام يمتلك اسلحة دمار شامل و هو مستعد لاستخدامها، و انه كان وراء احداث الحادي عشر من ايلول. الغريب ايضا، رغم ان بوش و شركاءه قد خططوا لهذه الحرب في 11 ايلول 2001 – ان لم يكن قبل ذلك – لا احد كان يفكر بها قبل اعلانها. مع ذلك، فان الكارثة التي ربما لا تزال تحيق بنا في العراق لم تشمل صناديد الحرب الذين يحرضون حتى الآن على حرب جديدة ضد ايران التي يبلغ حجمها ثلاثة أضعاف حجم العراق.■ ترجمة: المدى
واشنطن فـي قلق مستمر على بغداد.. والمليشيات لم تنتهِ

نشر في: 19 ديسمبر, 2011: 07:50 م









