أحمد الصراف أتاحت الحرية السياسية والصحفية النسبية في العراق والكويت الفرصة لأطراف عدة للتربح من تأجيج الخلافات بين البلدين، إن بكتابات حاقدة أو مظاهرات فاسدة، بغية إدامة الخلاف بين الطرفين وبالتالي تحقيق مكاسب اقتصادية أو سياسية أو طائفية من وراء ذلك!
ولو علم هؤلاء، ولاشك يعلمون، أنهم في نهاية الأمر لا يتسببون إلا في أدامة تخلف المنطقة والإضرار بمصالح الشعبين وتهديد أمنهم ورخائهم، والذي لا يمكن أن يتحقق ويستمر بدون تحقق السلام بينهما، من خلال نبذ الخلافات وتنمية موارد البلدين الطبيعية والبشرية، في كافة المجالات العلمية والثقافية والاقتصادية، والدخول بقوة في مشاريع استثمارية توفر فرص العمل لمئات الآلاف! ولكن جميع هذه الأمور تلقى من فئة محددة معارضة شديدة، وخاصة في العراق، ولكل بطبيعة الحال أسبابه، فرفع مستوى معيشة الشعب العراقي سيصب في نهاية الأمر في رفع مستواه التعليمي، وهذا ليس في صالح زعامات محددة، فهؤلاء، ووراؤهم عشرات الآلاف من المشتغلين بالتجارة الدينية، من المستفيدين من بقاء واستمرار الجهل، إن مستقبل العراق والكويت يكمن في تعاونهما، وليس هناك جار للعراق أفضل من الكويت، التي يمكن أن تستفيد منها سلميا لأقصى درجة، وليس هناك من طريقة أفضل للعيش بتآخ وسلام من إقامة مشاريع اقتصادية مشتركة، فالحرب العالمية الثانية التي قتلت اربعين مليون أوربي نتج عنها أكبر اتحاد سياسي، بعد ان أتعظ هؤلاء بأن الكراهية والخوف لن ينتج عنها سوى الخراب! وعلينا بالتالي أن نضع شكوكنا جانبا، ونبدأ بالتخطيط للمستقبل. فالعراق مثلا بحاجة لخمسة موانئ بحجم ميناء مبارك، ومعارضة البعض لإقامة الكويت مشروعها لا يستند لأي حجج قوية. كما أن البلدين بحاجة لإنشاء منطقة حرة بينهما، ومناطق خدمية وصناعية مشتركة، ومشاريع مياه ومد خطوط حديدية، وتوليد الكهرباء وإنشاء السدود لري أكبر قدر من الأراضي الزراعية التي يمكن أن يعمل بها مئات الآلاف من العاطلين عن العمل الآن، والمشاركة في انتاج مختلف المواد السهلة الصنع وغير ذلك. قد يجد الكثيرون أن كل هذه مجرد أحلام لا يمكن أن تتحقق على أرض الواقع، ولكنه احتمال قابل للتطبيق، ولا يحتاج لغير الإرادة، فليس هناك من وسيلة لرأب الصدع بين البلدين واسكات أصحاب النوايا السيئة وخنق الفتن في مهدها أفضل من إقامة مثل هذه المشاريع الكبيرة التي ستعود بالفائدة على شعبي البلدين.ملاحظة: يشترك العراقيون والكويتيون في استخدام المثل "اقبض من دبش"، للدلالة على صعوبة أو استحالة الحصول على الأجر أو الدين. وقد فسرت سيدة المثل بقولها بأن "دبش" كان يهوديا عراقيا أسمه (عزرا ساسون دبش)، وكان يعمل مديرا لميناء البصرة، ويقوم بكافة الأعمال ومنها دفع الأجور. وبعد انتشار حوادث سلب ونهب بيوت وممتلكات اليهود (الفرهود)، بعد إعلان قيام دولة إسرائيل بفترة قصيرة، هاجر "دبش" الى إسرائيل، وأصبح مديرا لميناء حيفا حتى وفاته في 1962. وبعد أن ترك العراق صار العمال في ميناء البصرة يسألون عن أجورهم، وكان الجواب دائما " أقبض من دبش"، كناية عن عدم وجود أية أجور، لأن الذي كان يدفعها قد رحل ولا أحد يقوم بما كان يقوم به!فهل سيقول لنا اعداء التعايش بين البلدين: أقبض من دبش؟* كاتب كويتي، والمقال ينشر بالتزامن مع "القبس" الكويتية
كلام محبة :هل سنقبض من دبش؟
نشر في: 25 أكتوبر, 2011: 08:20 م