اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > السياسي والثقافـي..من يصنع الأزمة؟ من يصنع التغيير؟

السياسي والثقافـي..من يصنع الأزمة؟ من يصنع التغيير؟

نشر في: 13 نوفمبر, 2011: 08:42 م

علي حسن الفواز السياسة والثقافة خطابان ومفهومان يلتقيان عند كل المحاور الآن، ويشاركان الجميع هموم الشارع والزاوية والمقهى والخلوة وبيت الاجتماع، مثلما يشتركان معا في صناعة اشكال واجراءات تدخل في صناعة الدولة وفي صياغة اشكال الامن الثقافي والامن السياسي معا، اذ لاأمن ثقافياً دون أمن سياسي، ولا أمن سياسياً دون أمن ثقافي. هذا التبادل والتشارك والشكوك تلقي بظلالها دائما على يوميات الحياة العراقية بكثافة منذ عقود طويلة..
 لكن هذه الشراكة كثيرا ماتخضع الى شريعة القسمة(الضيزى)والتي تجعل السياسي يأخذ الحصص الذكورية حسب الفقه السياسي، ويترك الحصص الانثوية للثقافي الذي يسعى عبر تاريخ اوهامه الطويل للبحث عن بطولات اخلاقية وتعويضات قد تزيد جرعة الاوهام لديه.. من هنا ندرك حساسية من يتحدث عن العزلة الممنهجة للسياسي عن الثقافي، واغتراب من يتحدث عن تعالي الثقافي على السياسي، فضلا عما يتواتر من احاديث تطول وتطول وشكوك تكبر!! لكن الحقيقة التي باتت اكثر وضوحا والاكثر واقعية رغم كل الاوهام الافتراضية، هي ان السياسي والثقافي يكملان بعضهما البعض، وان عزلتهما هي وهم  قد تصنعه قوى غامضة داخل البيئة السياسية والثقافية معا، اذ انهما في الجوهرجزء من منظومة صيانة الوجود، وصناعة الوعي الاجتماعي والرأي العام، فضلا عن كونهما جزءا من الفاعلية الوطنية المشتركة، وان الابقاء على اية عملية للفصل بينهما سيؤدي حتما الى انتاج المزيد من المشاكل والهموم..تاريخ الازمة السياسية في العراق يرتبط بتاريخ ازمة ثقافية واضحة، ازمة توصيف، وازمة تهميش، حتى بات هذا التاريخ وكأنه جزء من ازمة تاريخ المعارضات العراقية التي خرجت من معطف الثقافي اكثر من خروجها من معطف الانقلابي السياسي الذي صنع الوجه الدامي للسياسة العراقية منذ عام 1958 ولحد الآن، اذ  ظلت هذه المعارضة ثورية بالمعنى الاخلاقي حدّ النخاع ورومانسية حدّ الغناء وثقافية حدّ الهلوسة، لكنها بالمقابل تنأى بنفسها عن اي فعل منظم ومخطط لهه بدءا من فكرة(الثورة) وانتهاء بفكرة الادارة السياسية او حتى انتاج المثقف السياسي الذي يمكنه ان يدير وينظم ويصنع البرامج ويخطط للتنمية والمستقبل! حتى اننا ورثنا مثقفين يمارسون صناعة الكلام فقط،  وان اي اختبار لهم(خارج فعل المعارضة) سيضعهم امام فشل ذريع او خيبة اخرى. في الوقت الذي عمدت الحكومات القديمة(الملكية والجمهورية) على التحقق داخل فعل السلطة ذاتها والتدرب عليها، والتعرّف على اسرارها، وصناعة كل مصادر قوتها، وربما صناعة اشكال ثقافية ادارية تديم بها نظامها السياسي والامني وحتى الثقافي..فتاريخ العراق السياسي يشهد بان 90% من وزراء الثقافة والاعلام كانوا من خارج(السياق) الاعلامي والثقافي، وانهم جزء من المنظومة السياسية والعسكرية والامنية والايديولوجية التي تحكم وتصنع وتسوّق الاعلام والثقافة.عزلة المثقف وتلذذه بدور المعارض الدائم وغير المنتج تحتاج الى اعادة نظر، لان هذه العزلة انتجت مثقفا لايفقه بالجانب المحسوس من الادارة السياسية، وانتجت لنا سياسيا مغلقا غليظ الطباع سيّئ الوعي لايطمئن للمثقف ولايؤمن بوجوده في انتاج العملية السياسية. وكلا الامرين كانا بالاساس جزءا من ازمة الدولة القمعية، وجزءا من منظومة التخلف الاجتماعي والاقتصادي، وجزءا من ازمة الايديولوجيا الوطنية التي انتجت لنا احلاما كبيرة ووقائع هامشية ضاع فيها المثقف بين السجون والاوهام والمنافي..واليوم وبعد كل تاريخ الخيبة والطرد والعزلة، هل يمكن للمثقف العراقي ان يظل خاضعا لشروط  تلذذه في انتاج الغبطة المازوكية في عزلته، وان يكتفي بجرعات ثقافته الاستعراضية، وان يمارس الشتم والقدح و ان ينأى عن السياسي الاجرائي دونما احساس باية مسؤولية يمكن تضعه داخل نسق انتاج السلطة الثقافية والسياسية في آن!  السلطة في هذا المقطع الزمني الذي انتهى فيه(تراكم المركز القديم) العسكري والانقلابي تحتاج الى ادارة وتحتاج الى برامج وتخطيط ومعرفة ومنظومة من الاجراءات التكميلية مثلما تحتاج الى وعي الحرية وارادتها، والثقافة تحتاج هي الاخرى الى سلطة القرار والادارة وتجديد لاليات المعرفة والعلم وغيرها.ما أقترحه ليس هو تبادل ادوار، او إلغاء خاصية الحلم عند المثقف ودعوته لان يكون غليظا، خشنا وواقعيا من الرأس الى القدم، بقدر ما هو السعي الى التعاطي مع مشكلات واقع مغاير تماما، واقع لايسمح بوجود الفراغات التي يمكن ان يتسلل منها اصحاب المركز القديم لاعادة انتاج الاستبداد والقمع والارهاب والسطوة وصناعة الثقافي بمواصفات ومزاج ذلك المركز.عملية ترميم الفراغ والخراب! تقترن باعادة تأهيل القوى الحية في المجتمع لان تكون صاحبة المواجهات الوقائية ازاء عودة المركز القديم، وان تكون الاكثر قدرة على انتاج نظام اكثر انسانية للحاكمية، تلك التي تقوم على القانون والانسنة والقيم واصل التشريع الذي  يحمي مصالح الناس وحقوقهم ويضع الحاكم والمحكوم في سياق هذا القانون، ما يفرقهما هو العمل في توصيفه وفي حدوده. ان ازمة الحاكمية في العراق ستظل ازمة عالقة بالفراق العائلي بين السياسي والثقافي، اذ تصطنع تعقيدات العملية السياسية نموذجا للسياسي اللاتاريخي، والذي يمارس اشكال هيمنته من منطلق توريثات غير سياسية وغير ثقافية، اذ ستكون محصلتها المزيد من&am

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram