TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > جسر :بعد الانسحاب.. هل يعيد التاريخ نفسه؟

جسر :بعد الانسحاب.. هل يعيد التاريخ نفسه؟

نشر في: 12 نوفمبر, 2011: 06:40 م

 د. سعد بن طفلة العجمي  العام 1975 هندس "السيد النائب" - وهو ما كان يشتهر به الرئيس السابق صدام حسين حين كان نائبا للرئيس البكر- الجبهة الوطنية التي أراد إدخال معظم الأحزاب العلمانية فيها ليسوّق من خلالها قبول الجميع بحكم البعث العربي الاشتراكي قائدا للجميع وبمشاركتهم ومباركتهم وقبولهم.
 تردد الشيوعيون العراقيون ثم دخلوا في الجبهة بتشجيع من الاتحاد السوفييتي آنذاك الذي كان يرى في صدام حسين شخصية راديكالية وطنية معادية للامبريالية.  بدأ صدام حسين بتصفية قيادات الأحزاب وكوادرها بعد اختراقها والتعرف عليها، وكانت الأحزاب تتفرج على عناصرها وقياداتها وهي تختفي وتتلاشى وتموت في ظروف غامضة كحوادث شاحنات وتسمم وغيرها، وهي "الفرجة" واللامبالاة التي قال عنها مظفر النواب: "هذا حزب يتخوزق مختارا لا إكراها ولا بطيخا".دارت الأيام، وأصبح "الطالب مطلوب"، فالبعثيون هم المطاردون اليوم في العراق الديمقراطي الجديد، وهي مطاردة تعيد التاريخ ثانية: حكومة ائتلافية وطنية يقودها حزب الدعوة وتضم بعثيين سابقين بينهم السيد صالح المطلك. صحيح أن التحالف هشّ وضعيف، لكنه باق- حتى وقت كتابة هذه المقالة- ولو بالاسم على الرغم من خلو أهم المقاعد الوزارية: الداخلية والدفاع والأمن الوطني. البعثيون يجدون أنفسهم في موقف الشيوعيين والقوميين في جبهة "السيد النائب" بالسبعينات: اعتقالات لمئات البعثيين دون تهم من قبل حكومة السيد المالكي أغاضت شركاءه بالحكومة، ولكنهم ما زالوا ضمن تشكيلتها، ويهددون بمغادرتها. حزب المالكي وشركاؤه من الأحزاب الدينية يبررون الاعتقالات بأنها احترازية، وبأنها تمت لإجهاض محاولة انقلابية على الديمقراطية الفتية!! العام 1979، أزاح "السيد النائب" صدام حسين رئيسه البكر، ليصبح الرئيس الأوحد والقائد الضرورة، ثم بدأ تصفية رفاقه بالحزب تحت ذريعة مماثلة: محاولة انقلابية خططت لها سوريا وحاول تنفيذها أقرب رفاقه، وكانت التمثيلية الشهيرة التي راح ضحيتها المئات من كوادر وقيادات الحزب، بمن في ذلك من كان مسجونا قبل وأثناء المؤامرة - التمثيلية بحجة المشاركة بها، وكان أشهرهم عبد الخالق السامرائي الذي كان يعد من الشخصيات العراقية المحترمة رغم بعثيته. "ما أشبه الليلة بالبارحة"؟ أم أن السيد المالكي وحكومته يعتقلان فعلا من يتآمرون على الديمقراطية ويخططون للانقلاب عليها؟ من الخارج، أرى أن العراق مقبل على مرحلة طلاق بائن في الشراكة الحكومية التي ضمت ائتلاف الحكومة بين القائمة العراقية وبقية الشركاء بقيادة ائتلاف دولة القانون- حزب الدعوة، والخوف أن هذا الطلاق سيعقبه طلاق بائن في الشراكة السياسية، وهنا تكون الكارثة والخوف من مواجهات دامية تعقب الانسحاب الأمريكي نهاية العام الحالي.عسى أن تكون قراءة الخارج للداخل العراقي خاطئة، ولكن التصحيح بيد العراقيين أنفسهم لا غيرهم، وأدوات التصحيح تتطلب الخروج من حالة الانتقام والعيش خارج حالة البعث الدموية، والولوج إلى مصالحة عراقية - عراقية حقيقية وواضحة، تكون أولى متطلباتها منع الخارج، وبالذات الإيراني من التدخل في الشؤون الداخلية العراقية. كاتب وأكاديمي كويتي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram