TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: إذا تكلم المقربون!!

العمود الثامن: إذا تكلم المقربون!!

نشر في: 14 نوفمبر, 2011: 09:32 م

 علي حسينمقرب من الحكومة يؤكد أن أزمة إقليم صلاح الدين في طريقها إلى الحل، مقرب من رئيس الوزراء يعلن أن الحكومة لن توافق على منح الحصانة للأميركان، مقرب يقرر أن المناهج الدراسية بحاجة إلى تغيير، مقرب آخر وآخر، هكذا نتابع نشاطات عدد من السادة النواب ممن ينتمون إلى قائمة السيد رئيس الوزراء دون أن يقولوا لنا أصحاب هذه الأخبار،
هل هذه التصريحات ذات طابع رسمي أم أنها مجرد دردشة مع الفضائيات، أم استئناف لنشاط حكومي معطل، أم بروفة لمنصب لم يبت به حتى هذه اللحظة؟وإذا كانت هذه المشاهد قد تكررت كثيرا على مدار السنوات الماضية، فإن المطلوب من جميع الأطراف أن يخرجوا لنا بفتوى تتيح لهؤلاء السادة ممارسة نشاط حكومي يوازي نشاط المسؤولين في الحكومة، والسؤال: إذا كنا نتحدث عن عهد جديد شعاره الديمقراطية والشفافية، وإذا كنا نعتبر أننا أمام تشكيلة حكومية تم التصويت عليها في البرلمان، فلماذا يخرج علينا كل يوم أشخاص لا يمتون بصلة إلى الحكومة، لكنهم يخوضون في الشأن الحكومي معللين ذلك بعبارة تسبق أسماءهم "مقرب من....."!؟ والسؤال الأهم: لماذا لم يختر السيد المالكي المقربين منه لإشغال الحقائب الوزارية؟ إن المشهد السياسي العراقي اليوم مليء بعناصر الألغاز والإثارة والتناقض، فوزراء الحكومة آثروا الصمت، فيما عدد من المقربين احتفظوا لأنفسهم بحق التصريح حصرا محاولين من خلال ظهورهم المكثف عبر وسائل الإعلام فرض واقع سياسي يخدم مصالحهم، ليس لي اعتراض في أن يتحرك السادة المقربون بالمساحة المسموح لهم بها كرجال سياسة، ولكن من غير المعقول أن يتحركوا طوال الوقت على اعتبارهم ممثلين للحكومة وناطقين باسمها ومعبرين عن إرادتها، وفي الوقت نفسه يمارسون وظيفتهم الأصلية ويتمتعون بامتيازاتها واعني عضوية البرلمان التي تحتم عليهم ان يكون لهم دورا رقابيا على الحكومة، ولكني أظن أن السادة المقربين يمدون حبال أحلامهم أكثر من اللازم.  ولأننا شعب طيب فيمكننا أن نتعامل مع تصريحات بعض المقربين باعتبارها نوعا من التسالي، على أساس أن الحكومة لم تصادر حق أحد في أن يتسلى سياسيا، عندما تركت كل مشاكل البلد وأزمة اختيار الوزراء الأمنيين وغياب الخدمات، والبطالة لتصدر لنا البيان رقم واحد تزف فيه البشرى لملايين العراقيين بأنها استطاعت أن تئد المؤامرة الأمريكية البعثية في مهدها. لقد طفحت شاشات الفضائيات بعدد لا بأس به من نموذج "المقرب" الذين يظهرون كلما احتدم الصراع على المناصب والمكاسب، لتجدنهم يقفون بالمرصاد لكل من تسول له نفسه الاقتراب من قلعة رئيس الوزراء، أو انتقاد أدائه الوظيفي.أداء العديد من المقربين وخطابهم السياسي في الأيام الأخيرة يؤكد أن هناك سلطة خفية في النظام السياسي العراقي توازي السلطات الثلاث المعروفة، التنفيذية والتشريعية والقضائية، تتحكم في معظم مفاصل الدولة، بل أن هناك معلومات مؤكدة من أن هؤلاء المقربين هم سبب الحرائق التي تندلع يوميا في أروقة السياسة العراقية، وهم سبب الجلطات التي تصيب الحياة السياسية، ومن يشكك بذلك أحيله إلى تصريحات نخبة من "المقربين" يختارهم على هواه وسيجد كيف أن لغة الحوار السياسي تحولت في زمن الديمقراطية العراقية إلى لغة مشحونة بعبارات وجمل تثير النعرات الطائفية وتسهم في خلق حالة من الاحتقان السياسي. أن منطق المقرب يختلف عن منطق السياسي المحترف، فالمقرب يصرخ ويثير الزوابع ثم يطلق الرصاص عشوائيا وفي كل اتجاه عملا بقاعدة الأخذ بالأحوط، بينما السياسي الحقيقي يعرف ويدرك.. ثم يتكلم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram