محمود النمر ربما تكون جلستنا لهذا اليوم مختلفة عن باقي جلسات الملتقى، كوننا اليوم نحتفي بالفن كله متمثلا بقامة فنية كبيرة ساهمت بالتأسيس الحقيقي للعديد من الفنون .بهذه الكلمات قدم الناقد السينمائي كاظم مرشد السلوم المسرحي الكبير سامي عبد الحميد في ملتقى الخميس الإبداعي في اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين،وأكد السلوم : يعد سامي عبد الحميد من أهم أعمدة المسرح العراقي والعربي، فهو من الجيل الذي أسس لتدعيم ركائز النتاج المسرحي العراقي .
لا ادري من أين ابدأ، هكذا كانت البداية للحديث الطويل الذي اخذ عبد الحميد يسرد به الذكريات الأولى للمسيرة الطويلة التي تجاوزت أكثر من خمسة عقود حين قال :التحقت بثانوية الديوانية قادما من مدينة سامراء وكانت لدي ثقافة في الديوانية ،وهناك تعرفت على من دلني على الطريق الصحيح نحو مسرح ملتزم ذلك الراحل حسين احمد الراضي ،هو الذي قال لي إن المسرح وسيلة للتسلية والتوعية ولا ادري لماذا اختار مسرحية – في سبيل التاج – لمصطفى لطفي المنفلوطي ليخرجها ،وكان معي ابن مدير المعارف نجيب ناجي يوسف ،وناجي يوسف كان من أهم التربويين في العراق خلال فترة الأربعينيات والخمسينيات.وأضاف عبد الحميد عندما دخلت كلية الحقوق كنت مع يوسف العني في الصف نفسه ،وكان يلتف مجموعة من الطلبة كنا نسميهم البرجوازيين ومجموعة من الفتيات من طالبات كلية الحقوق وقد كنا نحسده على ذلك ،وكنت اخشى ان اتقرب منه .جاءني في احد الأيام محمد منير آل ياسين وقال لي لننافس يوسف العاني ،وكان حينها العاني مؤلف مجموعة اسمها – جبر الخواطر –وكان يقدم مسرحيات بفصل واحد ،وقال دعنا نمثل مسرحية – تاجر البندقية – وندعو المخرج إبراهيم جلال لكي يخرج المسرحية ،وكنت متابعا لأعمال طلبة الفنون الجميلة ونشاطاتهم وكنت احضر نشاطاتهم في قاعة الملك فيصل .وفعلا مثلنا – تاجر البندقية – ومثلت دور – انطونيو – ومحمد منير دور – شايلوك – وفي ذلك الوقت دعاني إبراهيم جلال للدخول إلى معهد الفنون الجميلة ،بعد أن اخبرني بموهبتي وإمكانيتي في التمثيل ،وفعلا ذهبت الى معد الفنون الجميلة وكان هو رئيس فرع التمثيل بدلا من أستاذه –حقي الشبلي – وقد كان الشبلي قد نقل الى الإشراف التربوي .وقال كانت هناك كذبة كبيرة عن الاتحادات الفنية في ذلك الوقت ،وكانت هناك الدول ذات الحكم الشمولي تتعارك على احتواء مثل هذه النقابات والاتحادات .وأشار الناقد المسرحي عباس لطيف الى المساحة الجميلة التي تنتمي الى ما هو راق في الحياة وما هو متعالٍ ومحلق في الفكر حينما استمعنا الى هذه القصيدة المسرحية وهي جزء من وجع رائد كبير ،نحتفظ له بكل تقدير وكل إجلال لأنه أول من وضع اللمسات الأولى الريادية في المسرح العراقي ،تشعر ونحن إزاء هذه السيرة المختزلة التي تفضل بها بأنك إزاء كائن تسلل إلينا من تراجيديات أثينا ومن أجواء تراجيديات يونانية قديمة ،او هو احد سليل السحرة فهو ساحر كبير ومتنقل كبير وقنديل مشع ولا يمكن بأي حال وليس من باب المجاملة ان تتحدث عن المسرح العراقي دون ان تقف قامة سامي عبد الحميد موازية مشعة مشاكسةً بانيةً مقترحة متنبئة لمسرح ٍ عراقي جاد ،مسرح يصل الى حد الثائر الزنجي والى حد صرخة التقدم الذي ينتقد السلطة وينتقد الواقع ويقيم معادلة جمالية بعيدا عن الهتاف وبعيدا عن التعبوية وبعيدا عن الابتذال.وأكد د. حسين علي هارف تتلمذت على أيدي ثلاث مؤسسات كلية الفنون الجميلة، منتدى المسرح وسامي عبد الحميد ،واعتقد أن هذا الوصف لا ينطبق عليّ حصرا وإنما ينطبق على أجيال وعلى كل من تتلمذ في أكاديمية الفنون الجميلة أو معهد الفنون الجميلة ، لان سامي عبد الحميد هو اكبر من مقصد رجل، هو موسوعة وأنا لا اقترب من المبالغة قطعا وكلكم تعرفون ذلك ،لأننا نهلنا منه الكثير مخرجا، ممثلا، باحثا، استاذا،و معلما وهو أستاذ الأجيال . وفي الختام تحدث الأمين العام ألفريد سمعان عن شخصية سامي عبد الحميد، إنسانا ومخرجا ومعلما ثم قلده لوح الإبداع لملتقى الخميس الإبداعي.
سامي عبد الحميد فـي الخميس الإبداعي.. هذا جزء من وجع رائد كبير
نشر في: 23 أكتوبر, 2011: 06:10 م