عوّاد ناصركانَ في الخضمِّ الأعمى، شخصٌ بلا طموحاتٍ فرديّة، عاشَ في قبوِهِ طويلاً،حيث خضمٌ أعمى. غادر ذلك القبو ذات صباح مختلف، غادر عماه، بعد أن أصبحت حياته تاريخاً من الخسائر. كان يحمل حقيبة صغيرة فيها بضعة كتب وأوراق للكتابة ورسائل من امرأة يحبها، وهو يصعد بحماس ليبلغ أعلى التل.
من هناك، حيث يقفُ على التلِّ، رأى عجباً: الخضمَّ الأعمى أكثرَ وضوحاً ومدعاةً للشفقةْ فجلس يكتب بياناً من أجل الثورة على العماء بينما الخضم الأعمى يسدد نحوه البنادق ويلوّح له بالسياط ويزعقُ في مكبرات الصوت:أيها الواقف على التل.. أيها الجبانُ، أيها الخائنُ.كان في الخضم الأعمى يتلقى الخسائر كالصفعات، لكنه، اليوم، أحس بالانتصار أول مرة.انتصاره على نفسه.******rnثمة ورقة يابسة لم يجد الوقت الكافي لقراءتها، وها هو يقرأها، اليوم.ورقة سقطت من شجرة في خريف مقبل، ورقة رسمت تاريخ شجرة خاسرة.كان هذا مجدها الوحيد:سقطت لأنها لم تقو على البقاء خضراء مثل بقية الأوراق الظافرة السعيدة بخضرتها.كان هذا مجدها الوحيد:مجد سقوطها الحافل في خريف مقبل.******rnالواقف على التل يقلب النظر في الخضم الأعمىلم يرد أن يخوض أي معركةحيث الخضم الأعمى ساقه إلى تاريخ طويل من المعارك الخاسرةفلم يعد ثمة مكان لأي خسارةإنه، الآن، سعيدٌ بوقوفه وحيداًعلى التلِّ.rnلندن 19 كانون الثاني 2011
الواقفُ على التلّ
نشر في: 23 أكتوبر, 2011: 06:10 م