TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > بين أحلام التّوحّد واتجاهات التقسيم.. عراق يتهشم

بين أحلام التّوحّد واتجاهات التقسيم.. عراق يتهشم

نشر في: 28 أكتوبر, 2011: 05:39 م

حسن متعب الحديث عن ضمان وحدة العراق وهويته يجري بخجل أكثر من الخجل الذي يختلج المتحاورين في مسألة تقسيمه وإنشاء الأقاليم بل أصبح الحديث عن الانفصال والأقاليم أداة للصراع بين السياسيين ووسائل للضغط وكأن التغاضي عن الانفصال والبقاء ضمن العراق الواحد منّة منهم أو تضحية كبيرة من قبلهم، متناسين أن العراق سياسيا ورغم إرادة الشعب كله بالوحدة والتضامن، مقسم اليوم إلى ثلاثة أجزاء،
ومستقبلا ربما يكون واقعيا أكثر من ذلك، وبقاء السياسيين داخل قبة واحدة الآن ليس إلا ترتيبا لحسابات تتعلق بالمكاسب التي يمكن تحقيقها لهذا الطرف أو ذاك على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة، وواقعيا أيضا، فقدت الحكومة مركزيتها لحساب إدارات المحافظات أو الأقاليم، وبكل وضوح، فان العربة تجري باتجاه تقسيم العراق تحت حجج تبدو منطقية إذا ما نظرنا إلى الواقع السياسي وكأنه أمر محتوم ولا مفرّ منه، وإذا ما تم أيضا احتساب المصالح الطائفية أو القومية التي تقوم عليها جهود الانفصال وللأسف فان الأصوات المطالبة بالمحافظة على وحدة العراق، تبدو مرتجفة بعض الشيء ومتطرفة في ذات الوقت، وما ينقص الجميع انفصاليين أو وحدويين هو النظر بحكمة وعقلانية إلى المستقبل دون الالتفات إلى عورات الماضي، وهذا الأمر يتطلب شجاعة عالية ونكرانا للذات و جوا من الثقة التي تكاد أن تكون بيت الداء وأحد أهم الأسباب التي تقف وراء الصراع السياسي القائم الآن.. وفقدان الثقة في الأساس بين القادة العراقيين مشكلة كبيرة يبدو أن حلها أصعب بكثير من حل أية مشكلة أخرى، إذ أن الحلول دائما تنطلق لأية قضية مثار صراع، من منطلق التعاون المخلص والجاد والرغبة الحقيقية الصادقة بين الأطراف المتصارعة لحلها وليس من قبل طرف واحد ، فإذا ما اختفت الثقة وحلّ بدلا منها الشك والتآمر والمصالح الشخصية أو الفئوية فان طرق الحلول ستغلق بل وتتعمق الخلافات وتتشعب وتضيع القضية الأساسية لحساب إيجاد حلول لقضايا فرعية نشأت عنها، ومن ثم التسليم بالأمر الواقع وكأنه الخيار الوحيد الذي لا مفر منه، من هنا تتصاعد الأصوات والنداءات مهددة مرة ومنذرة مرة أخرى بالانفصال، والأمر لا يتعلق بمجموعة بعينها، فالجميع، العرب في الجنوب وفي الغرب والكرد في الشمال، ثم الآشوريين والتركمان وآخرون طالما انذروا وهددوا ولكنهم في كل الأحوال لم يستعدوا بعد إلى إجراء مثل هذا، باستثناء الكرد الذين استكملوا بناء دولتهم وهم يؤجلون الإعلان عنها ليس إكراما لتاريخ طويل لعراقيتهم، بل لان المكاسب لم تكتمل بعد، وهم قد تمكنوا خلال عقد من الزمن من تحقيق نمو مناسب واستقرار وبناء نظم اجتماعية وهيكليات سياسية وتنظيمية اجتازت بسرعة وبفارق كبير مستويات النهوض في كل أرجاء العراق، الأمر الذي خلق لدى أجيالهم وخصوصا الشباب وممن لا يحوي في ذاكرته أية صور عن العراق وعن بغداد تحديدا، ولا يتكلمون اللغة العربية التي نقلها إليهم الإسلام، شعورا بان العرب ونظام الدولة العراقية هو السبب في تأخرهم وتوقف عجلة التنمية سابقا، وان مجرد حصولهم على الحقوق الفدرالية وابتعادهم عن سطوة المركز دفع بهم إلى الأمام في قفزات لا يمكن للعرب الآن مجاراتها، فكيف إذن سيكون حالهم لو أنهم أعلنوا دولتهم المستقلة وأزالوا والى الأبد تأثيرات العرب المجاورين لهم، وابتعدوا عن سلطاتهم التي لن تجلب لهم سوى المشاكل والصراعات؟.. بالتأكيد ستكون إجابة الكثيرين منهم بان الحال سيكون أفضل، وهذه حقيقة وليست وهما، وبالمقابل سيكون حال العرب أفضل أيضا إذ إنهم سيتخلصون من عبء وإرث طويل لم يستفيدوا يوما منه في ما مضى، ولن يستفيدوا منه مستقبلا.. ولكن هذه الحقيقة تحتاج إلى شروط قوية وصعبة، فلن يكون حال الجميع أفضل إلا إذا تمكنوا بقدر عال من الثقة بينهم وبقدر من التضحية هنا وهناك لإيجاد مخرج لمشاكل وتعقيدات هي التي تعيق توجهات الانفصال الآن وعدم حلها بعقلانية وموضوعية وبروحية خالية من الأطماع ستخلق مشاكل مستقبلية لا حصر لها.. الكرد جاهزون لإعلان استقلالهم، وسيحظون بدعم الغرب والشرق باستثناء تركيا التي ستلجأ إلى عقد صفقة معهم تضمن مصالحها وربما مصالح التركمان في كركوك، فلم يعد احد مهتما بالعراق كدولة واحدة، إذ أن دولته ككيان قد انتهت، وهاهي القوى الدولية والإقليمية تتعامل اليوم مع السياسيين كزعماء للطوائف والأقاليم والمحافظات بل وحتى إلى مستوى شيوخ العشائر، وليسوا ممثلين لبلد واحد، والعرب المجاورون للعراق مثلا ومعهم أميركا يريدون كيانا سنيا يضمن لهم الوسائل الكفيلة في صراعهم المذهبي القادم مع إيران، وأميركا تريد كيانا كرديا ليكون ورقة ضغط مستقبلية ضد إيران من جهة، وضد عرب العراق وتركيا لحسابات بعيدة من جهة أخرى، أما العرب الشيعة فقد انزلقوا في المنحدر الإيراني وأصبح خلاصهم منه مجرد أوهام للحالمين بالاستقلال وبالأفكار القومية المتذبذبة، ولكن ما يؤخر الجميع هو ما بإمكانهم أن يحصلوا عليه من بقائهم لمدة أطول ضمن تركيبة بلد يكاد يتهشم؟.. فالكرد وان كانوا سعداء حد الضحك بما هم فيه الآن إلا أن عيونهم ترنو إلى كركوك الغنية بالنفط، والى مناطق أخرى تسمى اليوم مناطق (متنازع عليها)، وهم يستثمرون الصراع الطائفي الذي يشغل العرب سنة وشيعة، وهذا من حقهم كسياسيين قوميين، ولكن بالتأكيد ليس من حقهم كمواطنين عراقيين، وسيحصلون في نهاية ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram