TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > معوّقات التحوّل الديمقراطي فـي العراق

معوّقات التحوّل الديمقراطي فـي العراق

نشر في: 1 نوفمبر, 2011: 05:44 م

حسين علي الحمدانيمسألة التحولات الديمقراطية في العراق أخذت من النقاش الكثير ومن الزمن أكثـر، مما ينبغي لها أن تأخذه دون أن نتوقف لنسأل أنفسنا لماذا كانت التحولات لدينا بطيئة جداً؟ خطوة للأمام وأخرى للخلف،كان يجب علينا أن نبحث ونتقصى عن العوامل التي تساعدنا في إنجاز التحولات الديمقراطية بأقل الخسائر ووفق جداولها الزمنية وتجارب الدول التي تتشابه والعراق من حيث التنوع والتعدد والمشاكل.
ولعلنا إذا ما أردنا معرفة أبرز معوقات التحول الديمقراطي في العراق بصورة خاصة، والوطن العربي بصورة عامة يمكننا تشخيص عدد من العوامل أبرزها غياب مفهوم التعددية عن القاموس السياسي العراقي وإدارة البلد من قبل حزب واحد،وهذا ما شكّل عاملا رئيسا في غياب المعارضة الداخلية المتفهمة لاحتياجات ومشاكل المجتمع من جهة، ومن جهة ثانية - وهي الأكثر أهمية- أن بناء المجتمع عبر عقود طويلة على مفاهيم الشمولية والمركزية أدى إلى غياب التنوع الفكري والثقافي وصهر كل مكونات المجتمع في فكر واحد .وهذا ما جعل من عملية إعادة تأهيل المجتمع ليمارس دوره الديمقراطي بعد التغيير في 2003، صعوبة لدرجة أن مكونات المجتمع العراقي وجدت نفسها في حالة صراع، وهذا ما تجسد بشكل واضح جداً في كتابة الدستور العراقي التي حرصت الكثير من مكونات الشعب العراقي على ضمان حقوقها دستورياً وهذه الحالة لم تقتصر على الأقليات العرقية والدينية بل شملت حتى الأغلبية،وهذا ما يفسر بأن المعوق الأول للتحول يكمن في عدم الثقة بين المكونات ومن يمثلها من نخب سياسية، وعدم الثقة هذه لم تكن موجودة حتى بعد 2003 بل تم إيجادها لتكون مرتكزاً للبعض ليقفز منها لما يريد أن يصل إليه عبر تقسيم المجتمع العراقي بعربه وكرده وتركمانه وأقليّاته الأخرى، وهذا ما أدى الى ظهور كانتونات مجزّأة ومناطق متصارعة، ولم يقتصر الأمر على هذا الحد بل تم تقسيم المُقسم نفسه، حيث وجدنا بأنه تم تقسيم العرب (العرب السُنة،والعرب الشيعة)،مما زاد من حدة الانقسامات وعمق عدم الثقة لدى الجميع،ما أفقد المشروع الوطني لبناء الدولة العراقية قيمته، وتحول بالتالي المشروع الى عدد من المشاريع الفئوية والجهوية والخنادق الضيقة، مما جعل من الهوية الوطنية الواحدة تغيب لتبرز الهويات الثانوية الفرعية التي استند إليها الكثير من الشخصيات السياسية وبُني على أساسها الكثير من القرارات سواء ما يتعلق منها ببناء مؤسسات الدولة وتقاسمها وفق هذه الهويات وانعكس ذلك على عملية البناء الديمقراطي ذاته. ومن جهة أخرى، فأن العراق يقع ضمن منطقة محكومة بنظم شمولية وبالتالي فإن عملية تغيير النظام وبغض النظر عن الآلية التي استخدمت في ذلك،إلا أنها أدت لمشروع ديمقراطية وسط دول شمولية تتأثر بطبيعة الحال بالعراق خاصة في ظل الانفتاح الإعلامي الكبير، ما جعلها تمارس أكثر من دور المعطل للعملية السياسية  في ظل حل الجيش وتفتيت مؤسسات وزارة الداخلية مما أوجد فراغاً كبيراَ جداً ما زالت بعض تأثيراته موجودة حتى يومنا هذا خاصة ما يتعلق منها بالجانب الأمني وتكامل عملية بناء الأجهزة الأمنية وقياداتها، لأن الأمن أساس التنمية ، والتنمية رديف الديمقراطية،وبالتالي فإن الديمقراطية في العراق فقدت عنصرين مهمين من عناصر قوتها الأول الأمن،والثاني التنمية، حيث يعرف الجميع بأن لا ديمقراطية تترسخ وتنمو وتتجذر في المجتمع في ظل أمن متدهور وبطالة ونسب فقر عالية. ولعل هذا العامل بالذات كانت له أسبابه الداخلية والخارجية معاً وكما أشرنا بأن ولادة نظام ديمقراطي في منطقة تعج بالاستبداد غير مقبول ويتعرض لمخاطر كثيرة خاصة في ظل عدم وجود جيش وطني يحمي الإنجاز الديمقراطي ويدافع عنه، بينما وجدنا في انتقال دول أوروبا الشرقية من مرحلة الشمولية الى الديمقراطية كان سهلاً وسلساً بحكم  دعم الدول الأوروبية الغربية لها واحتضانها لهذا التحول مما جعل دول أوروبا الشرقية تحتفظ بمقومات الدولة بشكل كبير جداً عبر احتفاظها بالمؤسسة العسكرية التي حمت الديمقراطية في ما بعد. وبالتالي يمكننا القول بأن ما حصل في العراق عملان في آن واحد،بناء دولة جديدة ومؤسسات جديدة وتشريعات جديدة وترسيخ ديمقراطية وهذا الأمر صعب جداً لأنه جرى أولاً في ظل وجود قوات احتلال بموجب قرار أممي شابه الكثير من الشكوك وسلب العراق مشروعيته لدى محيطه العربي الذي لا يمكن تجاهله لأنه العمق الاستراتيجي للعراق بحكم الكثير من القواسم المشتركة بين العراق والدول العربية،وبالتالي فإن مهمة السياسي العراقي كانت صعبة لأنها تتطلب كما قلنا أن يتم بناء الدولة ومؤسساتها وفي نفس الوقت البناء الديمقراطي وما يترتب عليه من نتائج تصب بالتأكيد في صالح العمليتين معاً.لهذا يمكننا أن نجمل أبرز معوقات التحول الديمقراطي في العراق بغياب الرؤية الحقيقية للواقع العراقي من قبل الأمريكان أنفسهم في المرحلة الأولى ، والقوى السياسية العراقية في المرحلة الثانية والتي لم تنظر للمجتمع العراقي كوحدة متماسكة بقدر ما نظرت إليه من زاوية القوميات والديانات والمذاهب وسعت لتفتيت الوحدة الوطنية في سبيل مصالحها الآنية.ولعل البعض منا متفائل بالدورة الانتخابية القادمة عام 2014 خاصة وإنها ستكون الأولى بعد خروج قوات الاحتلال من جهة، ومن جهة ثانية وجود محيط عربي أصابته تغييرات كبيرة من شأنها أن تساهم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram