الكتاب: النهاية – ألمانيا 1944- 1945 تأليف: إيان كيرشو ترجمة: ابتسام عبد الله هل هناك شيء لم يسجل عن نهاية الرايخ الثالث؟ فقد ظهرت الألوف من الكتب عن هذا الموضوع،وقد نشرت بعض الكتب الممتازة منها حديثاً، مؤلفوها كتاب معروفون: أنطوني بيغر، ماكس هاستينغز، روجر مورهاوس، مارك مازوير وريتشارد ايفانز. فلماذا إذن يضيف، مؤرخ حياة هتلر كتاباً جديداً إلى ذلك العدد الوافر؟
إن السبب في ذلك هو اعتقاد المؤرخ المذكور، أن لا احد منهم قد أجاب عن السؤال الأهم هو: لماذا واصل الألمان الحرب حتى النهاية المرّة، وخاصة بعد أن أصبح واضحاً أن ألمانيا قد خسرت الحرب،وأن الاستمرار فيها لا يعني إلا إضافة المزيد من الدمار للمدن الألمانية وللشعب ايضاً؟ ولماذا تمت إطاعة هتلر حتى في انتحاره؟ ويجيب ايان كيرشو، أن الأجوبة عن هذه الأسئلة نجدها عبر فحص بنية النظام وحالات التفكير في داخل ألمانيا، في خلال تلك المرحلة من الزمن. إن هذا الموضوع تمكن مناقشته عبر بحث أو مقالة قصيرة، لكن كيرشو يعالج تلك الأسئلة في كتاب ضخم، يأخذنا من حيث فشل خطة إسقاط قنبلة، مع الهجوم الألماني المعاكس في اردينيز، وسقوط الجبهة الشرقية، وحصار برلين وحتى مشاهد العزف المحصّنة تحت الأرض واستسلام ألمانيا في أيار 1945. ثلاث مجموعات من الإجابات تنبثق لسؤال كيرشو: الاستسلام غير المشروط، رعب، وجاذبية القيادة. وقد ألحَّ تشرشل ورزفلت على عدم التمكن في الوصول إلى سلام منفرد في الغرب ما دامت القوات الروسية تواصل أعمالها على الأرض الألمانية، وان العديد من القادة الألمان سيواصلون القتال منعاً من سقوط الجنود والمدنيين الألمان تحت السلطة السوفيتية. أما هتلر، فكان مصمماً على معاناة الألمان، ثمناً للأخطاء التي ارتكبها، وكانت سلطته على رجاله ما تزال قائمة حتى النهاية، وفي الوقت نفسه، فان أجهزة الرعب كانت تواصل عملها. وفي المجال العسكري كان هتريش هيملر وقادته المتعصبون ومنهم الفيلد مارشال شورمر يعدمون بلا رحمة المشردين والهاربين.وفعل غوبلز الشيء نفسه في الجبهة الأمامية، في حين قام ألبرت سبير وزير الدفاع بأعمال خارقة مرتجلة (في زيادة المعاناة والعذاب في معسكرات العمل) من اجل استمرار العمل في المعامل. أما الحزب النازي بقيادة مارتن بورمان، فقد تولى الإشراف على عدد من الإدارات العسكرية، من اجل تضييف الخناق على المواطنين والسيطرة عليهم. وفي أوائل عام 1945، أدت الغارات الجوية المتواصلة إضافة إلى التصرفات الأنانية لقيادة الحزب، إلى فقدان ثقة الكثير من الألمان في قيادتهم وهتلر ايضاً، بعد إحساسهم بأنهم ضحايا، ولكنهم مع ذلك لم يشكلوا معارضة حقيقية. إن الكتاب يقدم تلك الحقائق بشكل تقليدي مع فرد مساحات منه لمناورات غوبلز، هيملر، بورمان وسبير، وفيه ايضاً بعض التكرار، ولكنه على الرغم من ذلك يطرح بشكل واضح الانهيار التام للرايخ الثالث تدريجياً، فمع ازدياد الغارات على دريسدن، وازدياد أعداد القتلى في اوشفيتز وترحيل الألمان من الشرق، تزداد أهمية الكتاب، محققاً قوته من خلال المعلومات القيّمة التي يقدمها. فنعرف مدى دمار المدن الألمانية، ولماذا بقي اثنان فقط من مجموع 43، من حكام الحزب في مواقعهم حتى النهاية المرّة. ومن المآخذ على الكتاب أن كيرشو لم يتطرف إلى مجريات الحرب العالمية الأولى 1918، عندما لم يخسر الجيش الألماني في ساحة المعركة ولكن مكانته ضعفت بسبب غير النظاميين في المؤخرة، وعدم الاستقرار في الداخل. كما انه لم يتطرق إلى تفسير الشخصية الألمانية وميلها إلى الحكم الفاشي. وقد عبّر عن ذلك عام الاجتماع الألماني ثيودور ادورنو. عن الغارديان
لماذا لم يستسلم الألمان حتى النهاية؟
نشر في: 17 أكتوبر, 2011: 06:08 م