إياد الصالحيلم افهم مغزى عدول الاتحاد العراقي لكرة القدم عن قراره بحرمان اللاعب الدولي السابق ونادي القوة الجوية جاسم محمد غلام من اللعب لمدة ثلاث سنوات واعفائه من اية تبعات لحقت به جراء تصرفه المشين في مباراة فريقه امام الزوراء واصراره على مطاردة حكم المباراة الدولي فلاح عبد الى غرفة الاستراحة بالرغم من محاولته الاعتداء عليه بعد لحظات من اشهاره الكارت الاحمر في اللقاء المذكور.
إن عفو اتحاد الكرة عن غلام (بحسب تصريح احد اعضائه كامل زغير لإحدى الوكالات الاخبارية وليس ببيان رسمي صادر عن الاتحاد لوسائل الاعلام يبين موجبات العفو ) يذكرنا بقرارين مماثلين مع اللاعبين قيس عيسى وعماد عودة اللذين اعتديا ايضا على رجال القضاء في الملاعب بصورة اثارت الوسط الكروي يومها لانها لا تمت بصلة الى الروح والاخلاق الرياضية المعروفة عن الرياضي العراقي.ولهذا، ترك العفو عن غلام سؤالاً كبيراً لدى متابعي قضيته: اذا كان الخروج عن السلوك الرياضي بطريقة لا تتفق حتى مع الاعراف الاجتماعية تشكّل مسألة ثانوية لدى الاتحاد يتعامل معها بإجراء وقتي فذلك يعني انه سيفتح الباب امام عشرات اللاعبين المهيئين نفسياً للشطط والتهور والثبور ليظهروا آخر صرعات الانفلات العصبي في وجوه الحكام طالما ان العقوبة المتوقعة لا تعدو سوى استراحة قصيرة يقضيها المسيىء في بيته، ثم يستأنف مشواره في الملاعب بعد ان ينجح في كسب رهان التعاطف ودغدغة القلوب الرحيمة للحصول على مبتغاه وتحقيق مصلحته بالرغم من الصورة البشعة التي خلفتها نزعته العدوانية وشراسة مواجهته وتهجمه على الآخرين.انا اليوم أدين قرار اتحاد الكرة اللامنطقي بالرغم من تقديري العالي لامكانيات غلام ودوره البطل في كتابة صفحة الانجاز الخالد في سِفر الكرة العراقية يوم دافع عن عرين أسود الرافدين ونذر حياته تسعين دقيقة في سبيل المحافظة على هدف السفاح في شباك المنتخب السعودي الشقيق ليلة الانتصار العظيم بالتاسع والعشرين من تموز 2007، لكن لن نرضى ان يمرّ قرار اتحاد الكرة من دون ان نتوقف عنده، فالإعلام مسؤول عن تنبيه المخطئين أياً كانت أعمالهم ومؤسساتهم عندما يقررون بين ليلة وضحاها نسف القيم الرياضية ومبادىء قانون (فيفا) ناهيك عن استخفاف القرار نفسه بجيل كروي قادم يرى ويسمع ولا يتكلم اليوم، نخشى ان تصبح لديه قضية الاخلاق الرياضية امراً مثيراً للسخرية ولا يلزمه الطاعة والاحترام اذا ما سنحت الفرصة لنجومه تمثيل الاندية المحلية واللعب في صفوف المنتخبات الوطنية مستقبلاً.كل شيء مقبول في عالمنا اليوم وبأثر رجعي احيانا يسمح للمداولة والتصحيح وحتى المسامحة إلا انتهاك القيمة الانسانية ومحاولة الاساءة بردة فعل ثائرة قد تبدو لغلام وغيره (لحظة غضب) لكنها بعيدة عن مبادىء الانضباط ضمن قوانين صارمة لا يجوز التصرف بها وفق اهواء رئيس الاتحاد ونائبيه وبقية الاعضاء حتى لو خسرنا خدمات استثنائية لهذا اللاعب مع ناديه والمنتخب، فبالامكان تعويضه بلاعبين آخرين لكن من المستحيل ان نعوض الدرس البليغ الذي استحقه غلام جراء تهوره امام الحكم وعدم امتثاله لقراره فيما لو سكتنا عن ردة الفعل تلك.كان يفترض باتحاد الكرة اسوة بسياسات الاتحادات في العالم ان يخفف العقوبة عن غلام لا ان يرفعها نهائياً ويولد اللغط والاستياء بين الوسط الكروي، واعتقد ان القرار الأسلم هنا هو السماح له بالعودة الى ناديه فقط مع بدء الانتقالات الشتوية في الموسم 2011-2012.ان جميع اللاعبين هم ثروة كبيرة للرياضة العراقية والعربية ويحتاجون الى التوجيه والاهتمام والتوعية مثلما هم يخضعون للرقابة والاختبار والتنبيه عندما تتجاوز سلوكياتهم وتصرفاتهم الخطوط الحمر، وليت عفو الاتحاد بالرغم من خطيئته يحفز غلام ومن تستهويه ادوار (الشقاوة) داخل المستطيل الاخضر ان يتمهل ويتمعن لتوقيت اصداره ويُكمل مسيرته المقبلة باظهار استحقاق انصافه ليكون عنصراً باعثاً للقيم الاخلاقية في الرياضة العراقية وهي آخر الكنوز التي حافظ عليها روادها ومن جاء بعدهم برغم عاديات الأزمنة.
مصارحة حرة : العفو عن غلام خطيئة
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 18 أكتوبر, 2011: 07:15 م