يعج تاريخ العراق الحديث بالكثير من الأسماء اللامعة ، التي لعبت أدواراً تاريخية جسيمة، ومن هؤلاء أعلام الحركة الوطنية ممن لم تلق عليهم الأضواء، وابتعدت عنهم الدراسات والبحوث، ولم يكتب عنهم إلا لماما، ولعل السيد محمد الصدر في طليعة من يستحق التذكير والتنويه . ومن الغريب أن يكون موضوع رئاسته للوزراء عام 1948 محور ما كتب عنه على الرغم من قلته، وإغفال دوره الوطني المتميز قبل تأسيس الدولة العراقية .
    ولد السيد محمد الصدر في مثل هذا اليوم من عام 1883 في مدينة الكاظمية ، ونشأ في كنف والده السيد حسن الصدر الشخصية العلمية والاجتماعية المرموقة علماً وزعامة . وآل الصدر من ابرز الأسر العلمية في النجف والكاظمية لما قدموه من خدمات علمية واجتماعية منذ العهد العثماني . ولما بلغ سن الرشد درس في النجف الدراسة الدينية التقليدية ثم لازم أباه المتوفى عام 1935 ، ونهل منه الشيء الجزيل . ومنذ شبابه كان يتطلع إلى العمل السياسي الوطني ، واشترك في الحركة الاستقلالية أيام الاحتلال البريطاني للعراق ، ورأس حزب حرس الاستقلال ، وهو حزب سري تشكل ببغداد ويعمل لنيل الاستقلال وتحريض الأهالي على العمل الوطني . وعند نشوب ثورة العشرين  ذهب الى ديالى وكان له الدور الأكبر في اندلاع الثورة هناك ، وبعد انتهاء الثورة سافر إلى خارج العراق ، ثم عاد بصحبة الأمير فيصل الذي عهد إليه بعرش العراق .   وبعد تأسيس الدولة العراقية ، تولى مناصب نيابية مختلفة ، وعضوية مجلس الأعيان ورئيسه لسنوات طويلة . واسند إليه منصب رئاسة الوزراء عقب وثبة كانون الثاني 1948 التي أسقطت وزارة صالح جبر واستطاع امتصاص غضبة الشعب لما حدث في الوثبة . كما تولى رئاسة هيئة النيابة عن الملك والوصي عند غيابهما عن العراق . وقد أدركته المنية عام 1956 . وهو شخصية معتدلة ورزينة وموضع استشارة الجميع في جميع أدوار حياته .إعداد: رفعة عبد الرزاق محمد