هاشم العقابيأغلب المعترضين، اليوم، على مطالبة بعض المحافظات للتحول الى اقاليم لم يكونوا كذلك يوم كتابة واقرار الدستور الذي جاء في اول سطر من اول مادة فيه: "جمهورية العراق دولةٌ مستقلةٌ ذات سيادة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ اتحاديٌ". اما المادة 115 منه فقد اعتبرت انشاء الاقاليم حقاً لكل محافظة. وبتحليل احصائي بسيط لنص الدستور سنجد ان كلمات اقليم واقاليم واتحادي قد وردت 160 مرة. هذا يعني انها كلمة مقبولة دستوريا وسياسيا ايضا. فلم لم يتم الاعتراض عليها، كحق، الا حين ممارستها؟
من الطبيعي ان هناك فرقا بين الحق والواجب. فحقك يمكنك ان تتنازل عنه. ومن حق الآخر ان ينصحك او يحذرك لاي سبب من اجل ان لا تستخدمه. لكن ليس من حق اي كان ان يمنعك من ان تتمتع به. فالانتخاب، مثلا، حق لكل مواطن كما جاء في الدستور، مساو لحقه في الدعوة لتحويل محافظته الى اقليم. لكنك حر في ان تنتخب او لا. ويجوز لأي كان، كجزء من حق ابداء الرأي، ان ينصحك بعدم انتخاب فلان أو علان، أو حتى يناشدك بعدم الذهاب لصناديق الاقتراع. لكن لا يمكنه ان يرغمك على ذلك بالقوة أو يخوّنك لانك لم تأخذ بنصيحته. انا لست مع او ضد ان تصبح محافظة صلاح الدين اقليما. فاهل مكة ادرى مني بشعابها. ثم اني ومنذ اول أيام التغيير وقبله اميل نحو الفدرالية خاصة بعد ان عشت زمنا ليس قليلا في دولة الامارات العربية ولمست نعمتها عن قرب. لكني استغرب جدا من غياب الموقف الرسمي الحكومي امام هذا الانقلاب الجذري في موقف اهل محافظة عراقية كانوا بالامس القريب من اول المعارضين لفكرة الفدرالية من اساسها. انها كمن يقف على التل متفرجا امام خيارات مصيرية قد تغير شكل الدولة ومضمونها.الكل يلوم مجلس محافظة صلاح الدين او هذا السياسي او ذاك لانهم لاذوا بالدستور، واعضاء المجلس، ويشاركهم اغلب ابناء محافظتهم، يتهمون الحكومة بانها ارغمتهم على ذلك. كأن لسان حالهم يقول: "شجابرك على المر .. غير الأمر منه". ان صمت الحكومة امام هذا التحول "الفكري" الكبير عند جمع من محافظات العراق الغربية امر مريب ويثير التساؤل خاصة وانها متهمة، من اهالي تلك المحافظات، بجرهم لذلك.ليس امام الحكومة غير ان تخرج عن صمتها وتتخذ واحدا من خيارين لا ثالث لهما: أما ان تمتثل للدستور وتوفر الغطاء الامني وتضمن تطبيق القانون كي يتمتع اهالي محافظة صلاح الدين بحقهم الدستوري بالفدرالية. أو أن تقنع اهالي المحافظة بحوارات صريحة ومباشرة وباجراءات عملية تنهي بها الاسباب التي اضطرتهم لذلك. اما اذا تاجرت ببضاعة الصمت فهي المذنبة الاولى ان كان هناك مذنب. واعجبي لحكومة تنطق بلا داع، وتصمت عند وجود داع.
سلاما ياعراق : والحكومة على التل
نشر في: 29 أكتوبر, 2011: 08:50 م