 قيس قاسم العجرش لا أعرف من قال قديماً إن كلام الملوك لا يعاد، لكنها بالتأكيد مقولة مرّت على مستشاري الإعلام البُلَهاء لهؤلاء الملوك دون تمحيص.  فدائماً كانت الإعادة للقائل دليلاً على الرسوخ والتمسك وإن القول الذي صدر عن عقل وتدبر وفكر يعمل.
في سياستنا الحاضرة شاعت هذه الأيام مقولة التحريف وكلما قال أحدهم قولاً ثم اكتشف انه تورط في ما ليس له به علم أو قدر عاد ليقول إن كلامه تم تحريفه.كلما طمس أحدهم في وحلة الزلق الكلامي عاد ليبرر بأن كلامه قد تم تحريفه كأن إعلام العالم كان ينتظر من هذا الجهبذ زلة هنا ويتربص به الزلل.قبل شهر، قال مستشار المالكي علي الموسوي إن موقف الحكومة العراقية قد تحول ليكون مع تنازل الرئيس السوري بشار الأسد عن منصبه أمام المطالبات بتنحيه. وبعد النشر عاد ليكذب صحيفة نيويورك تايمز ويقول إنها حرفت تعليقاته، وبعدها انساق النجيفي إلى المأزق ذاته وعاد ليقول إن كلماته عن الإقليم السني قد حرفتها الصحافة. هنا يصبح الويل كل الويل للصحافة التي تجر السياسيين من ألسنتهم وتقولهم ما لا يرغبون بقوله عنوة.على أن صحافة كهذه تتمكن من خداع سياسيين بهذا الحجم من المسؤولية تستحق منا الاحترام المهني وتستحق أن نقول عنها إنها عمود ديمقراطي حقيقي.لكن هذا التخريج الساذج والحديث الممجوج عن تحريف وسائل الإعلام لمقولات هؤلاء لا يخضع للعقل قطعاً، إنه ينساق فقط ضمن سياسة التلهّي والإشغال التي يتخادم بها سياسيونا في تبادلية بدأ الناس يتلمسون معرفة من المستفيد منها. الحقيقة تقول إننا من الصعب جداً أن نكذّب نيويورك تايمز التي ليس لها دوافع ظاهرية على الأقل كي تنقل كذباً عن (ملوك الطوائف) في حين إن لهؤلاء ألف سبب وسبب يدفعهم إلى أن يكذبوا من الصباح إلى المساء.ثم أن لنا تجربة في لغمطة الحق بالقول الأجوف من قبل هؤلاء الذين يدعون بأن كلامهم قد تم تحريفه، بل إن لنا تجربة في فقدان الحق والباطل أصلاً من كلام هؤلاء المجني عليهم افتراضاً من قبل الصحافة العالمية التي تعمل بعقلية المؤامرة، كما يقول هؤلاء. إن الحقيقة لا تعدو أن تكون أبسط من ذلك، إن هؤلاء يقولون أمام الصحافة الأجنبية ما لا يقولونه أمام الصحافة المحلية، لأنهم من السذاجة والتواضع في الفكر والتدبير بالاعتقاد بعدم وصول ما يقولونه إلى الشارع العراقي وهم لم يفهموا بعد ممكنات التقانة الاليكترونية والصحافة المتواصلة بهيئتها اليوم.تصوروا كيف يحكم هؤلاء بلداً مثل العراق.