TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > على هامش الصراحة: مجالس المحافظات

على هامش الصراحة: مجالس المحافظات

نشر في: 16 أكتوبر, 2011: 07:12 م

 إحسان شمران الياسريقال البعض من منظمي مهرجان المتنبي الذي افتتح في محافظة واسط يومــي 28 و29/أيلول/2011، وعلّق بعض من حضر المهرجان، إن السادة أعضاء مجلس المحافظة اصطفوا في الصف الأول من المقاعد يوم الافتتاح في النعمانية، ولم يتبقَ للضيوف إلا الرجوع إلى الصفوف الخلفية.
ولم أفكر في الأمر على نحو سيىء.. فعضو مجلس المحافظة شخصية مهمة اختارها الشعب لتمثيله وإدارة شؤون حياته.. أما موضوع الضيوف، فلهم الله. وأنا أعرف، من سلوك أعمامي وأجدادي، أنهم لا يأكلون قبل الضيف، ولا يجلسون حيث يجلس، ولا يقاطعونه في الكلام.. والى اليوم، وقد جاوز عمري الخمسين، عندما أكون في مضايف أهلي في الكوت أو النعمانية، لا أجلس، ولا يجلس من هم بعمري، حيث يجلس الضيوف، ولا أتكلم عندما يتحدث أعمامي مع ضيوفهم، ولا أتناول الطعام إلا في الوجبة الثانية.. وفي المناسبات الكبيرة أشارك في الوجبة الثالثة من الطعام، حيث يبرد الأكل، وتنفد أطايب الطعام، فيتّبقى (المرق) البارد وبعض الأطباق الفارغة.. وهذا ليس لأننا لا نحظى بالاحترام من أهلنا، أو لأننا لا نستحق أن نتناول الطعام ساخناً، بل لأننا تعلمنا إن الرِفعة والمكانة العالية وحُسن التربية، أن تترك مكانك لمن هو أولى منك (الضيف أو الكبير من الأهل..).. حتى إن أخي الأكبر يُبالغ فيقول إننا عادة ما نجلس عند (القنادر) عندما يكون الضيوف أغرابا. وفي مساء يوم 28/9/2011 احتضنت جامعة واسط الجلسة المسائية لمهرجان المتنبي، حيث ألقيت القصائد الجميلة، وقدم رئيس الجامعة بعض الشهادات التقديرية والدروع للمبدعين.. وقد وقع الاحتفال في حدائق الجامعة حيث تمت بعثرة المناضد بطريقة تسمح لكل ثلاثة أو أربعة ضيوف بالجلوس معاً لإبعاد الحفل عن الصيغة المعتادة في رصف الكراسي في صفوف متوازية..فما الذي حدث في هذا الحفل.. لقد عاد مرة أخرى السادة أعضاء مجلس المحافظة إلى واجهة الاحداث بطريقة تركت عند الجمهور شعوراً بعدم نية هؤلاء السادة للتماهي في المجتمع والامتزاج به بطريقة توحي بالانتماء.. فقد اضطر المنظمون إلى رصف المناضد معاً وجلس أعضاء المجلس ورئيسهم والمحافظ ومدير الشرطة في الصف الأول الذي رتبّه المنظمون بعجالة.. ووقف خلفهم أفراد حماياتهم يحملون المسدسات وأجهزة الاتصال وثمة أسلاك في آذانهم لا أدري ما هي وظيفتها، وانتشر عدد آخر من الحمايات حول المكان على أهبة الاستعداد.. وقد حجبت أجساد الحمايات الضخمة أية فرصة لمن جلس خلفهم من الجمهور الذي وفد من الموصل وكربلاء والنجف وبغداد والحلة والبصرة وغيرها، فضلاً عن جمهور المحافظة ومثقفيها ومبدعيها.إن وجود أعضاء مجلس المحافظة في حرم الجامعة، هو وجود لممثلي الشعب في أقدس مكان (بعد بيوت الله) يمكن أن يكون في المحافظة، وهو شرف لهم أن يقفوا بين علماء الأمة ومبدعيها.. فهذا رئيس الجامعة، وهو (أستاذ دكتور)، يعني (بروفيسور)، وهؤلاء عمداء الكليات (أساتذة، وأساتذة مساعدون)، وعدد من المدرسين من أساتذة الجامعة.. وهؤلاء شعراء وكتاب ومبدعون وصحفيون.. فما أكثر الشرف والمجد أن تكون في هذا المكان العجيب في لحظة عجيبة من زمن الانتماء والحرية! لقد كان حريا بـ(المسؤولين) أن يوعزوا لأفراد حماياتهم بالبقاء بعيداً حتى عن عيون الناس، فضلاً عن جلوسهم فوق (قلوبهم).. وكان على أعضاء المجلس  ألا يجلسوا محتشدين في وضع جنائزي يشبه إلى حدٍ كبير الاجتماعات التي يعقدها المتفاوضون بعد الحروب!! كان عليهم أن يجلسوا فرادى بين الناس.. كل واحد مع مجموعة من الضيوف.. يُحدّثهم عن دور الثقافة في تنمية المجتمع.. ويستمعون للمثقفين، بدلاً من الاستماع إلى بعضهم، وكأنهم يستعيدون ما فعلوه في النهار.. أما إحدى عضوات المجلس فقد شغلتها الأساور ومحابس الذهب التي كانت ترتديها.. بل إن صاحبي ادّعى إنها ترفع يدها بطريقة تسمح للنساء المُعذبات من الجمهور والضيوف برؤية (كمية) ما تحمل من الذهب.. تحياتي لأعضاء مجلس المحافظة، وأحسب أن الوقت لم يزل متاحاً للانتشار بين الجمهور وفقاً لاقتراحي في المناسبات المقبلة.. وأحسب أن الناس (في كل المحافظات) باتت تعرف بدقة أي من أعضاء المجالس من يعمل، ويُراكم العمل للغد.. يوم نذهب للصناديق نبحث عمنّ يمثلنا.. وذاك الذي لا يعمل، ويعتقد أن مظهره المرتاح هو أسوتنا الذي سنبني عليه آمالنا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram