علي نافع حمودي بدأت مؤشرات التضخم ترتفع تدريجياً في العراق خاصة في الأشهر الأخيرة وربما تعليل المختصين للتضخم من أنه ناجم عن تأثيرات داخلية وأخرى خارجية ناجمة عن زيادة الأسعار العالمية، هذا التعليل لا يعفي الجهات المختصة من إيجاد السبل التي من شأنها خفض هذا التضخم لأدنى درجاته. ومشكلة التضخم ترتبط بشكل عضوي بوتيرة النمو السريع، والتي ترجع إلى زيادة الإنفاق الحكومي، والنمو الكبير في حجم السيولة المحلية والنقص في العقارات والمساكن، إضافة إلى التضخم المستورد الذي يصعب التحكم به.
والحقيقة إن مفهوم التضخم أمر شائك وهاجس كبير ومقلق لجميع المستثمرين، فارتفاع الأسعار في السلع بصفة عامة يتناسب عكسياً مع القيمة النقدية، أي أنه كلما ارتفعت الأسعار كلما ضعفت القيمة النقدية. وهذا بحد ذاته أمر خطير يؤدي إلى رفع مستوى الفقر في الدول التي لا تعمل على حفظ وتوازن أسعارها. وتتخذ الدول الرأسمالية معدل الفائدة وسيلة للحد من التضخم، فتتعامل بمعدل الفائدة بالزيادة أو النقصان لكي تعالج التضخم، فعندما تكون هناك علامات تضخم بدأت في الظهور، فإن البنك المركزي يعمل على زيادة نسبة الفائدة، والحكمة من ذلك هو الرغبة في سحب الأموال من السوق وتوجيهها إلى عملية توفير أو استثمار. وفي العراق أسباب التضخم حالياً زيادة السيولة النقدية في التداول اليومي وهذا يتطلب معالجات عدة لامتصاص هذا التضخم. أهم هذه المعالجات هو العمل بشكل مستمر على تقليص حجم الكتلة النقدية قيد التداول عن طريق عملية امتصاص منظمة والتي منها عمليات الترغيب بالتعامل والتداول بالأسهم والسندات في أسواق الأوراق المالية التي تساعد على تنشيط أسواق الأوراق المالية والمساعدة في تجزئة التضخم النقدي. وهنالك دول عدة أتبعت معالجات لظاهرة التضخم أهمها الحد من السيولة عبر الفائض في الموازنة، الذي يؤدي إلى تقليص حجم الكتلة النقدية، وبالتالي خفض معدلات التضخم، بيع حجم من الدين العام إلى الجمهور وسحب النقد المتوافر في السوق للحد من العرض الزائد في السوق من النقد المتداول. الجانب الآخر يتمثل بزيادة الضرائب على السلع الكمالية التي يتداولها قلة من السكان من أصحاب الدخول المرتفعة. أيضاً خفض الإنفاق الحكومي الذي يعد أحد الأسباب المؤدية إلى زيادة المتداول من النقد في السوق، لأن الحد من الإنفاق وتقليصه سيؤدي تباعاً إلى خفض النقد المتداول في الأسواق. ويصاحب ذلك العمل بشكل مستمر على تقليص حجم الكتلة النقدية قيد التداول عن طريق عملية امتصاص منظمة، عن طريق إصدار سندات وصكوك وشهادات إيداع من قبل الحكومة لامتصاص فائض السيولة في الأسواق المحلية. إن كبح التضخم ممكن جداً في العراق خاصة في ظل وجود فائق تجاري يقدر ما بين ثلاثة إلى خمسة بالمئة ويمتلك احتياطيات كبيرة أعلن عنها مؤخراً.
فضاءات :ظاهرة التضخّم
نشر في: 12 أكتوبر, 2011: 06:14 م