TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > وقفة: سلبية المثقف القاتلة

وقفة: سلبية المثقف القاتلة

نشر في: 30 نوفمبر, 2011: 09:02 م

 عالية طالباستطاع المثقف العراقي في بدايات القرن العشرين أن يرسخ له موقعا في التفاعل الحضاري لمتغيّرات مجتمعه، وهو ما عكس دوره في الألفية التي حرق فيها مراحله لكن باتجاه عكسي، وضمن مشهدا يعيش متناقضات المرحلة وتجاذباتها وانعطافاتها السريالية التي استوجبت أن يكون له دور فاعل وحقيقي وأن يتضامن هذا الدور مع السياسي الحقيقي وليس السياسي صاحب الخطابات المبرمجة لارتباطات إقليمية ودولية، وبما يتطلب العمل بحرص حقيقي لانجاز مشروعه الذي تباطأ منذ سنوات طوال بفعل الممارسات السابقة التي أوجدت صبغة الإيجاب الكامل لكل المظاهر وأبادت أي آراء تعزف خارج السرب، وكان لهذا الدور تفاعله الثابت الذي أضر بموقف الدور الريادي والمهم للمثقف.
ومن البديهيات طبعا أنا لا نشير إلى الثقافة بمعناها الأدبي والإبداعي بل بالمعنى الموسوعي الشامل الذي يختلف عن المتعلم بتخصص أحادي، والعراق يزخر بكفاءاته المثقفة تحت ضغط أي وقت وزمن يكون فيه، إذن أين هو هذا الدور الفاعل في مواجهة مشهد سياسي أبتلع كل الأدوار ولم يبق للآخرين غير استمراء السلبية وتقبلها؟المشهد العراقي والعربي بحاجة إلى إعادة تكوين من جديد ليستطيع الارتكاز على مقومات إنشاء سليم تعيد للشعوب انطلاقة حضارية قويمة وتحافظ على الحقوق المدنية التي اجتزأت لصالح مشاريع وخطابات ومناهج قد تحقق المصالح الذاتية ولكن ليس الشمولية الفاعلة باتجاه الأهداف العامة النبيلة.وبتأمل بسيط للمشهد السياسي العراقي نجد أن هذا التغييب لم يكن في صالح العملية السياسية العراقية اليوم، بل على العكس تماما إذ استمر الواقع المتحقق ليس بمستوى المرحلة ولم يستطع تحقيق الاستفادة من مرحلة المتغير بما يحقق مصلحة المجموع، تغييب دور المثقف الواعي يعني إغماط لحقوق المجتمع وهي مسؤولية مشتركة تقع على عاتق المثقف بالدرجة الأولى وعلى المجتمع بمشروعه السياسي ثانيا، كون أهمية دوره لا يمكن أن تعطى له بمنحة من الآخرين بل بخطوات مدروسة بعناية من قبله وبثبات يحقق المنجز الفاعل دون الركون على انتظار فرصة يجود بها المشروع السياسي الذي يفكر أحيانا بالإقصاء بدل الدمج الواعي وبتهميش الدور المهني والمحترف والمختص خشية منه ومن قدراته الحقيقية، لذا لابد لهذا المثقف من أن يبادر بخطوات وليس بالخطوة الأولى المنتظرة منه فلا يمكن الركون إلى السلبية والوطن يمر بمحنة عجيبة تجتمع جهود جبارة لتكريسها وايجاد الأجواء الملائمة لنموها واطرادها.وإذا ما صدقنا أن عدد منظمات المجتمع المدني في العراق بلغ أكثر من أربعة آلاف منظمة نصفها تحمل مشاريع ثقافية وإعلامية، فأننا سنكون إذن قد أوشكنا على فقدان الأمل بإيجاد مشروع تنظيمي ثقافي حقيقي له طموحات واضحة، إذ أن وجود هذا الرقم المتضخم وفي المقابل عدم وضوح أي منجزات تضامنية ملموسة يعني أن هذه التجمعات أنشئت لأسباب أخرى لا تتعلق بلم شمل المثقف أو تقوية وترصين دوره وإنما لأهداف ورؤى ونوايا بعضها شخصي وبعضها نفعي لا يتعلق بمصلحة المثقف ولا بتفاعله المطلوب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram