TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث :بلطجة وتشبيح

في الحدث :بلطجة وتشبيح

نشر في: 22 نوفمبر, 2011: 09:18 م

 حازم مبيضين ثمة روايتان متناقضتان ومتباينتان عما جرى قبل أيام عند أبواب الجامعة العربية في القاهرة, بين مؤيدين ومعارضين للنظام السوري, الأولى تتحدث عن هجوم شنه القادمون من دمشق ضد خيمة اعتصام يقيمها المعارضون هناك, وحاولوا هدمها واعتدوا على المعتصمين فيها, وتلقى المعارضون  دعماً من شباب مصريين كانوا يتواجدون للاحتجاج في ميدان التحرير القريب من الموقع, والثانية تتحدث عن هجوم منسق شنه المعارضون ضد الوفد السوري
 بمجرد وصول هؤلاء إلى مبنى الجامعة ويدور الحديث هنا عن استئجار المعارضين لبلطجية مصريين لمعاونتهم في معركتهم ضد القادمين من دمشق, وأسفرت الحادثة عن جروح طفيفة أصيب بها المشتبكون من الطرفين.الروايتان قابلتان للتصديق والتكذيب في آن معاً, ذلك أن معارضي النظام السوري ارتكبوا أعمالاً مشابهة قبل ذلك, والمهم هنا إن صدقت رواية القادمين من دمشق أن معارضة الخارج التي يطلقون عليها مجلس اسطنبول تكون قد لطخت سيرتها بنقطة سوداء كانت في غنى عنها, وهي بذلك استلفت من النظام الكثير من الصفات التي تتهمه بها, ونعني بذلك التشبيح والبلطجة, ويطرح تصرفها هذا سؤالاً لم نسمع إجابة له, وهو عن أي ديمقراطية يتحدثون ما داموا يرفضون الآخر بكل مظاهر العنف والقسوة, ويعتقدون أن من يخالفهم الرأي يجب أن يلقى معاملة سيئة وبغيضة, وبماذا يختلفون عن النظام الذي يثورون ضده بسبب لجوئه إلى قمع الرأي الآخر, وبسبب تحديده لحريات المواطنين بالعنف والقسوة والأساليب الأمنية.أما إن كانت رواية المعارضين أقرب إلى التصديق, فان ذلك يعني أن النظام السوري يجد نفسه في مواجهة مع الجميع, وهو لن يتخلى عن أساليبه في مواجهتهم, حتى لو حدث ذلك أمام أعين الإعلام, الممنوع حتى اليوم من تغطية الأحداث في سورية بحرية ومهنية, ويكون ارتكب خطيئة تضاف إلى مجمل التهم التي تساق ضده, لكنها هذه المرة موثقة بالصوت والصورة, من قبل إعلاميين محايدين تواجدوا في الموقع لهدف آخر, يتصل بما كان يجري في ساحة التحرير, وهو بذلك ينقل معركته مع " الإرهابيين المسلحين والمندسين " إلى خارج حدود سلطته وكأنه يبعث برسالة معناها أن يد النظام ما زالت قوية وقادرة على البطش حتى خارج الحدود, وليس بعيداً أن مثل هذا التفكير ما يزال سائداً عند بعض النخب الحاكمة في دمشق بعد نجاحها في اصطياد أحد الضباط المنشقين عن الجيش من داخل الأراضي التركية وفي عملية لم تتضح تفاصيلها حتى اللحظة.ما حدث في القاهرة مؤسف بكل الأحوال سواء صدقنا هذه الجهة أو تلك, وهو دليل على مراهقة سياسية بغض النظر عن مرتكبها, وهي تثير المخاوف على مستقبل سوريا, فإذا كان النظام هو المتسبب فيها واستمر بعد ذلك فإن السوريين لن ينعموا بنتائج حراكهم المستمر منذ شهور, وإذا كانت معارضة الخارج هي من بادر إلى الصدام, وتمكنت هذه المعارضة من الحكم, فان السوريين يكونون كمن انتقل من تحت الدلف إلى تحت المزراب, فهذه المعارضة التي تتصرف هكذا قبل أن تمسك مقاليد السلطة والقوة, مرشحة لان ترتكب أكثر بكثير من ما تتهم به نظام البعث.لسنا مع هذا الطرف أو ذاك, نحن مع السوريين بكل طوائفهم وإثنياتهم, ولا نعادي صاحب أي توجه سياسي يستهدف خير البلاد, لكننا لن نسمح لعقلنا أن يكون لعبة بيد أحد.حمى الله سورية والسوريين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram