TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :أم الوْليَـد

سلاما ياعراق :أم الوْليَـد

نشر في: 10 أكتوبر, 2011: 10:19 م

 هاشم العقابي كان العراقيون يأملون خيرا كثيرا من إخوتهم وأبنائهم الذين عادوا للوطن واحتلوا أعلى المناصب الحكومية فيه. وكان الامل اكبر بأولئك الذين قضوا زمنا طويلا في بلدان العالم المتحضرة ذات الأنظمة الديمقراطية التي تسودها العدالة والقانون ويحترم بها الإنسان مهما كان لونه او عرقه او دينه.
ومثلما كان الشعب لا رأي له في طبيعة من يحكمه ايام ما قبل السقوط، ظل كذلك بعد السقوط. وكل انسان لا يؤخذ رأيه يصبح مغلوبا على امره ويصير مصيره بيد القضاء والقدر(الحظ). وشعبنا الذي خرج توا منهكا مدمرا من سجن  طال أمده اكثر من ثلاثة عقود يلفه الرعب والعوز بدون رحمة، يسهل استغلاله وخداعه.فالمحتل الامريكي الذي اوعد بانه سيجعل العراق مركز اشعاع للحرية ونموذجا ستحتذي به دول المنطقة، استغفلنا واختار لنا بول بريمر. وكما قلت امس بأن هذا الرجل، وباعتراف اهل بلده، لا يعرف معنى للتمنية والبناء، فقد باشر بتفليش آخر ما تبقى من بقايا الدولة العراقية.  حل الجيش العراقي نموذجا. ولم تنته ايام بريمر الا بعد ان سن سننا سيئة  تبيح القسوة وتثير النزعات الطائفية وتفتح الابواب واسعة امام احتمال قيام حرب أهلية. ناهيكم عن اباحة قيم النهب والفساد والتزوير. راح هو وظلت سننه الى يومنا هذا تطفئ اي بارقة امل بالخلاص.ثم لأننا لم نجد فيمن اعتلى سلم السلطة من عراقيي الخارج وكذلك من عراقيي الداخل، ان صح استعمال هذين المصطلحين، وعلى مدى ثماني سنوات،  الا القليل من أصحاب الكفاءات والضمائر المخلصة. وحتى هذا القليل نجده انسحب أو اختفى او قتل او اصابته عدوى الفساد فحزم أمتعته  لينتقل من خانة الخير المؤمل به الى خانة الشر التي "تحميه".  هل كان ذلك مخططا له مسبقا؟ بصراحة انني اشك في ذلك.  لكن ما هو السر اذن؟ انه، برأيي يعود الى غياب قيمة حب الوطن والذي يعني بالنتيجة غياب حب الشعب أيضا. وشعب لا يجد من يحبه او يحب وطنه، فعلا غير محظوظ.وحب الوطن لا يعني حبا رومانسيا يغيب فيه عقل المحب هائما بمن يحب. انه حب من نوع آخر مثل  حب ام "الوليد". وهذا الذي لم نلمسه لا عند المحتل ولا عند من اتى بهم او عند من مهد لهم الطريق ليحكموا. فآم "الوليد" لا يمكن ان تترك ابنها جائعا او خائفا وتنام. ولا يمكن لها ايضا ان تهدأ وهي تراه مهددا بالقتل. واترك لكم تصور كيف ستتصرف لو اراد احد سرقته او قتله.ان افتقار العراق لمثل تلك الأم لترعاه لا يعد ازمة سياسية، وحسب، بل وازمة اخلاقية ايضا. ولو اضفنا  لها ما نعانيه من ازمات اخلاقية خلفها النظام السابق وحروبه وكذلك الحصار الجائر، فستتحول حتما الى كارثة حقيقية تهدد بنية المجتمع والدولة معا. فما هو الحل؟ الجواب في عمود الغد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram