TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > مزايدات قانون البنى التحتية

مزايدات قانون البنى التحتية

نشر في: 10 أكتوبر, 2012: 05:48 م

سليمة قاسم

في الخامس عشر من أيلول الماضي ضيف مجلس النواب رئيس الوزراء نوري المالكي، لطرح مشروع قانون البنى التحتية، وكانت جلسة تاريخية في عدد حضورها من النواب، حيث بلغ عددهم 250 نائبا، وهو عدد لم تشهد قبة البرلمان مثيلا له في العادة إلا عند التصويت على مصالح خاصة بالسادة النواب من امتيازات ورواتب.
 ردود أفعال الكتل النيابية إزاء المشروع، ارتبطت بشكل أو بآخر بمواقفها من الحكومة، إذ تباينت بين رفض القانون أو المطالبة بتعديله مثل العراقية والكردستاني وتأييده بشكل مطلق من قبل دولة القانون.
المعارضون لمشروع القانون، يرون انه ليس هناك مبرر لحضور رئيس الحكومة - الذي طلب الاستضافة بنفسه – لا سيما انه يناقش مشروعا يتعلق بطبيعة عمل اللجان الخدمية المنبثقة من مجلس النواب، وان مشروع القانون بصيغته الحالية قد يسهم في مضاعفة ديون العراق السابقة، كونه يعتمد على الدفع بالآجل، من دون تحديد نسبة الفائدة. وهم يستشهدون بتجربة السنوات الماضية التي صُرفت فيها مليارات الدولار دون أن تغير في واقع البلد شيء، فضلا عن تخوفهم من استخدامه من قبل السيد المالكي لتقوية نفوذه وتوسيع دائرة سيطرته على السلطة. اما المؤيدون فهم يرون فيه خطوة مهمة لمضاعفة فرص التنمية والاعمار، عن طريق التعاقد مع شركات رصينة لحل مشاكل البلاد الخدمية، نظراً لكون الموازنة لا يمكن – حسب رأيهم- ان توفر المبالغ الكافية لبناء البنى التحتية في البلد.
وهكذا كانت للطرفين تبريراتهما المقنعة، التي تدخل البعض منها من باب المزايدات السياسية يتم تبريرها بأسباب فنية، ولكن دعونا نتساءل عن جدوى استدانة مبالغ طائلة في الوقت الذي لا تكاد نسب انجاز الموازنة الاستثمارية تصل فيه الى نصف المبالغ المخصصة لها، مع وجود فوائض لايرادات النفط يمكن الاستفادة منها في التمويل بفضل ارتفاع سعر برميل النفط عن السعر المعتمد في الموازنة، فضلا عن أن العقود بالآجل غالبا ما تفتقر إلى الشفافية ويشوبها الكثير من الفساد.
وهذا يتطلب أولاً معالجة الخلل في آليات توزيع واردات الموازنة وكيفية إدارتها، وما تعانيه من عدم وضوح في أولوياتها، وسوء تنفيذ المشاريع والتلكؤ في انجازها، بدلا من زيادة مديونية الدولة بفوائد تدفع ثمنها الأجيال القادمة.
وإن تقوم الحكومة - كونها الجهة صاحبة العلاقة -  بفتح ملفات الفساد الإداري والمالي وكشف مافيات الفساد والجهات التي تقف وراءها والتي أهدرت بسببها مليارات الدولارات أو ذهبت إلى حسابات متنفذين فيها في فترة قاربت العشرة أعوام.   
قد تشهد الأيام القليلة القادمة التصويت على مشروع القانون، لا سيما وان هناك صفقة لتمريره مقابل قانون العفو العام، فليس خافيا على احد أن التصويت على القوانين لا يتم وفقا لحاجة الشعب إليها، بل لوجود توافق سياسي عليها. وأرجو ويرجو معي ملايين المواطنين، أن يكون مسعى السيد رئيس الوزراء لإقرار قانون البنى التحتية هو توفير خدمات للبلاد وإيجاد حلول للمتجاوزين وان لا يكون مصير مشاريعه - إن اقر- مشابها لمصير عشرات المشاريع التي أنجزت في السنوات الماضية، لكنها تآكلت وتهاوت ليتم ترقعيها  مرة أخرى، حتى نرد كيد المتشككين إلى نحورهم، الذين يذهبون إلى أن ما يفعله السيد رئيس الوزراء بشان دفاعه عن قانون البنى التحتية لا يعدو عن كونه من باب الدعاية السياسية له، وانه حسبها بشكل جيد، فإن اقر القانون ووافق البرلمان على صرف مبلغ 32 مليار دولار فهذا مكسبا سياسيا كبيرا له، وان رفض فهو قد حاول جاهدا ولم يفلح، ويكون هو المستفيد الأول من كل ذلك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: صنع في العراق

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram