TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > حكومة الأغلبية والتوافقات السياسية

حكومة الأغلبية والتوافقات السياسية

نشر في: 23 ديسمبر, 2011: 05:43 م

محمد صادق جراد  هل ما زالت الحاجة قائمة للتوافقية السياسية في العراق  أم أننا يجب أن نتوجه اليوم الى دولة المؤسسات الدستورية ونحتكم الى الدستور في حل القضايا المختلف عليها بعد ان أصبحت التوافقات مطية لخرق الدستور وعذراً للتدخل في عمل السلطات والمساومة على دماء العراقيين ؟ 
من اجل الإجابة عن هذه الأسئلة يجب ان نعترف بأن الجميع بات يدرك ان التوافق السياسي في العراق أصبح يزيد من اتساع المسافة بينه وبين نظام مؤسسات الدولة حيث أصبحت نتائج التوافق تتعارض مع بناء المؤسسة الدستورية وأصبحنا مع كل مبادرة جديدة للتوافق بين القوى المتناحرة نزداد بعدا عن دولة المؤسسات والمفاهيم الديمقراطية الجديدة ونزداد ترسيخا لمفاهيم المحاصصة الطائفية والصراعات السياسية على السلطة.وفي الوقت الذي نشهد فيه وصول التوافقات السياسية إلى طريق مسدود وفي ظل تصاعد وتيرة الخلافات التي تعكسها التصريحات للأطراف المتناحرة تطفو على السطح بعض الحلول المقترحة من قبل هذه الأطراف ،حيث يتردد كثيرا مقترح حكومة الأغلبية السياسية ويعتقد اصحاب هذا المقترح بانه سيساعدنا على الخروج من النفق المظلم الذي وصلت إليه العملية السياسية التوافقية في العراق وإنه سيعمل على التخلص من المحاصصة التي لازمت التجربة العراقية منذ انطلاقها حيث جاء نظام المحاصصة حسب نظر البعض في حينه من اجل ملء الفراغ السياسي بعد سقوط النظام الشمولي في 2003 لعبور مرحلة خطيرة لم تكن فيها الأحزاب المتواجدة في الساحة قادرة على إدارة دفة البلاد لوجود تدخلات خارجية كانت تسعى لإفشال التجربة الديمقراطية من خلال دعم بعض الاطراف ودعم الإرهاب ومحاولة إثارة الفتنة الطائفية. لذلك كان الرأي حينها يتجه صوب تحريك المجتمع السياسي والخبرات السياسية داخل المكونات التاريخية في المجتمع العراقي من خلال إشراكها في السلطة في محاولة لدفعها إلى النضج باتجاه استيعاب المفاهيم الديمقراطية الجديدة والخوض في الممارسات المؤدية إليها كالانتخابات والتصويت وإطلاق الحريات وممارسات أخرى يمكن لها أن تساعد تلك المكونات ونخبها السياسية على تجاوز المرحلة الانتقالية واستيعاب التحول من النظام الشمولي الاستبدادي إلى النظام الديمقراطي التعددي .إلا إننا ومن خلال قراءة لواقع العملية السياسية اليوم نكتشف بان حكومة الشراكة كما نسميها اليوم والتي بني على أساسها النظام السياسي في العراق لم تنجح في إنضاج الفكر الديمقراطي لدى المجتمع السياسي ونخبه وبدل أن نشهد تقدما باتجاه الوعي الديمقراطي نجد أن بعض القوى السياسية أصبحت تتمسك بمفاهيم المحاصصة الطائفية لتكون في موضع الدفاع عن وجودها داخل العملية السياسية أكثر من العمل على تحقيق مسؤوليتها في إدارة الدولة وحرصها على البناء الديمقراطي الذي يعتمد على ما تفرزه نتائج الانتخابات.وبالرغم من كل ذلك نجد أن المحاصصة تتكرس وتتعمق في كل دورة انتخابية أكثر وأكثر وتعتمدها الحكومات في تشكيلها بالرغم من عدم رضا الجميع عن هذا النظام في تقسيم السلطات والسبب يعود برأينا الى عدم نضوج الفكر الديمقراطي لدى البعض ممن لا يتقبل تواجده خارج الحكومة ولا يستوعب ثقافة المعارضة كقيمة سياسية يمكن أن تعمل على مراقبة العملية السياسية والأداء الحكومي وخدمة المواطن من خلال جلوسه على مقاعد المعارضة ويصرُ على خدمة المواطن من خلال تواجده في المناصب والوزارات لنشهد صراعا سياسيا على السلطة تحت عباءة المحاصصة الطائفية والانتماءات الاثنية والقومية .وحسب ما تقدم من حقائق ومعطيات نجد أن الحاجة ملحة للخروج من نفق التوافقية والمحاصصة ربما من خلال اللجوء الى تشكيل حكومة أغلبية سياسية ، والضرورة العملية تقتضي قيام هذه الحكومة التي يجب أن يتم دعمها بتشريعات معينة كقانون الأحزاب وتعديلات في النظام الانتخابي الذي افرز الحكومات السابقة على  ألا تكون حكومة الأغلبية هذه مجرد محاولة لاحتواء أزمة سياسية تولدت جراء فشل حكومة الشراكة بل يجب ان تكون مخرجا باتجاه التخلص من التوافقية والمحاصصة التي تبعدنا عن بناء دولة المؤسسات .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram