هاشم العقابيأبشع ما ذاقه شعب العراق من تنكيل لا انساني قبل السقوط، كشفته افلام مصورة لممارسات التعذيب النفسي والجسدي من قبل ازلام النظام السابق وعصاباته الامنية. كان بعضها لا يثير غضبنا فقط بل ويشعرنا بالغثيان ولعبان النفس وكره الحياة برمتها احيانا. وكنا نتساءل: ما هو سبب تسجيل تلك المشاهد وتوثيقها؟ انا شخصيا لم اعرف سببا لذلك هذه اللحظة.
ويوم سقط صدام ونظامه، كانت لنا احلام وآمال وطموحات ببلد حر وعيش كريم. ومرت ثمانية اعوام على السقوط، انهارت بها الآمال والاحلام وهانت المطامح حتى لأدنى طماح غير مضمون. آخر ما فكرت به هو عودة تلك الافلام التي كان ابطالها مخابرات صدام وفدائيوه واخوته وذووه، وهم يتلذذون بضرب الناس وتركيعهم تحت الاحذية وضرب السياط والعصي والقرابيج. مشاهد سادية يصعب علي حتى تخيلها، فلم أجد وصفا يشفي قلبي غير ان قلت عنها يوما بانها "ولية مخانيث". كنت امني النفس ان زمن المخانيث قد ولى. وهكذا كنت اظن الى ان وصلني ليلة الامس عبر الاميل فلما يفصح بما لا يقبل الشك بان المخانيث قد عادوا من جديد. هذا ان كانوا قد رحلوا بالفعل.الفلم يعرض عراقية معصوبة العينين يحيط بها مجموعة من "حبنترية" الامن الجديد بكامل قواهم العقلية والعضلية. يتضح من الحديث انها متهمة بقتل شخص كان يعتدي عليها جنسيا بحجة الزواج وانها قد قتلته للتخلص منه. التهمة قد تكون صحيحة أو ملفقة. يصعب على كل صاحب ضمير ان يتحمل سماع الالفاظ البذيئة والسوقية التي كان هؤلاء يوجهونها لها عدا ضربها بالتناوب وهي مجرد متهمة لم تثبت ادانتها بعد، فكيف اذا ادينت؟ الفاظ لا اعرف كيف اكتبها هنا ولو بالاشارة لشدة بذاءتها، وهي تقطر من افواههم. لم يتركوا لفظة شارعية وسخة الا ورموها عليها وسط ضحكاتهم المقرفة.لقد أعاد هذا الفلم كل ما في ايام صدام السود من بشاعة، لكن بشكل اكثر بذاءة واشد سوادا. الفارق الوحيد هي ان لهجة المخانيث الجدد مختلفة هذه المرة. لهجتهم اليوم اقرب للهجة ضحايا التعذيب في ايام النظام السابق. ولهجة الضحية حين تصبح لهجة الجلاد، تفزع وتقرف اكثر.ليتني اجد فيكم من يدلني على سر ميل هؤلاء الساديين الجدد لتسجيل هذه المشاهد بالصورة والصوت، لاني عاجز كل العجز عن معرفة السر.لا اصدق ان حكومتنا الديمقراطية "جدا"، لم يصلها هذا الفيديو، مثلما وصلني. وصمتها لا يحملها مسؤولية هذا الانتهاك اللا انساني، حسب، بل ويبيح لنا ان نتهمها بتدبيره وتشجيعه ايضا. فهي ان قالت لا تعلم فتلك مصيبة. وان كانت تعلم وتصمت فالمصيبة اعظم. ان أي حكومة تتاجر ببضاعة الصمت حين ترى الشعب يذل ويهان، لا يكفي ان نقول عنها بانها لا تصلح للحكم يوما واحدا، لا بل يحق فيها قول انها فاقدة للضمير والحس الانسانيين.
سلاما ياعراق : عودة المخانيث
نشر في: 27 نوفمبر, 2011: 07:28 م