أحمد الصراف*وصلت أو ستصل قريباً أحزاب دينية للحكم في أكثر من دولة عربية. وسيمر وقت قبل أن تكتشف شعوبها إن ما سمعته من وعود لم يكن أكثر من خواء، فهذه الأحزاب لم يصدر عنها خلال 80 سنة أي "منافستو" واضح يبين كامل رؤيتها ومواقفها من عشرات القضايا الخطيرة التي تشغل بال شعوبها وتقلقهم، فهم يطالبون بالحكم فقط، وبعدها "يصير خير"!
يستثنى من ذلك ما سبق واعلنوه من مواقف من قضايا هامشية كتعدد الزوجات وفرض الحجاب وإطالة اللحى، وهي أمور لا تقترب من القضايا الخطيرة. وفي مقال للزميل المصري سامي البحيري، في "إيلاف" نشر قبل فترة، ذكر أن ايا من أحزاب مصر الدينية لم تعلن صريح موقفها من إسرائيل غير نيتها الغاء معاهدة السلام معها، فهل مصر مستعدة لخيار الحرب مثلا ونصف الشعب يعيش تحت خط الفقر؟ وماذا عن أمريكا، فعداء هؤلاء لها واضح ولكن هل سيستمر أم ستتغلب "وصولية" الإخوان والسلف في نهاية الأمر؟ وماذا عن المعونة الأمريكية والسلاح وقطع الغيار؟ وماذا لو امتنعت الدول العربية الغنية عن مساعدة مصر وتونس مثلا، فهل بإمكانهما التخلي عن العرب؟ وماذا عن البطالة، وقد بلغت الملايين؟ هذا غير مشكلة تزايد السكان، ومتطلباتهم من سكن ومستشفيات وطرق؟ وماذا عن السياحة، مصدر النقد الأكبر في مصر وتونس والمغرب، هل ستتم مراقبة تصرفات السياح ومنعهم من الترفيه، والأنشطة الأخرى من بارات وكازينوهات وفنادق، وعدد من يعتمد عليها في معيشته فيها يفوق العشرة ملايين بكثير؟ وتعاني الدول المرشحة لحكم الإسلاميين من ديون ضخمة تدفع عليها المليارات كفوائد ربوية، فكيف سيتم التعامل معها، ومع القروض الدولية؟ وهل سنجد أنفسنا أمام موجة هائلة من الفتاوى التي تحلل وتحرم الكثير من الأمور لأن "مولانا الشيخ" يرى ذلك؟ وماذا عن المتاحف وما بها من تماثيل، هي بحكم الأصنام، وتلك التي في الميادين، هل سيتم تحطيمها كما حطمت طالبان تمثال بوذا في بانيان، وكبير السلف في مصر هو الذي وصف حضارة الفراعنة بالعفنة؟ وماذا عن دور السينما ونوعية الإفلام، ومعاهد الموسيقى ومئات آلاف المشتغلين بمختلف الفنون والثقافات، من تلفزيون وإذاعة ومنشورات، وكبير السلف سبق ان وصف نجيب محفوظ، رمز ثقافة مصر، بأنه عار عليها؟ وما الموقف من تأسيس أحزاب علمانية وليبرالية وحتى شيوعية؟ ومن الكثير من مواد الدستور "غير الإسلامية"، وهل ستبعث الخلافة الإسلامية؟ وماذا يا ناصر الصانع وفهد الخنة عن مسيحي الكويت لو اصبح لكم قرار في الحكم، هل ستفرضون الجزية عليهم، يدفعونها عن يد وهم صاغرون؟ كما أن في مصر وحدها 8 مليون مسيحي، فهل سيجبرون على مغادر وطن عاشوا فيه لآلاف السنين؟ وماذا عن بناء الكنائس وإقامة الحدود على أهل الكتاب، فمن قتل مسلما يقتل ومن قتله مسلم.. يعزر؟وحيث أن كل هذه معضلات خطيرة لا تستطيع أية جهة دينية، مهما ارتفع كاحلها، الإجابة عليها فإن أمام من يتسلم من هؤلاء الحكم احد طريقين: إما لحس كل سابق تصريحاتهم وتطبيق القشور من الأمور من لحية ورداء ونقاب والاعتراف بالواقع، وهذا سيكشف كذبهم ومراءهم، أو تطبيق ما يعتقدون أنه شرع الله، حسب فهمهم، ووقتها سيحل الخراب.* كاتب كويتي، والمقال ينشر بالتزامن مع "القبس" الكويتية
كلام محبة: تساؤلات البحيري
نشر في: 3 ديسمبر, 2011: 09:04 م