اسم الكتاب: نهاية العالم المؤلف: مجموعة مؤلفين ترجمة: عبد الخالق علي من خلال الحكم على أفلام الكوارث الطبيعية المنتجة في السنوات الأخيرة، فان البشر مأخوذون بفكرة نهاية العالم. ففي فيلم ( بعد 28 يوما ) يدمر فيروس المملكة المتحدة و ما وراءها، و في أفلام ( الصدمة العميقة ) و ( ارماجيدون ) يشكل احد الأجرام تهديدا مدمرا، أما فيلم ( بعد غد ) فان تغيير المناخ يلعب دورا كبيرا في نهاية العالم .
في العالم الحقيقي، لا ندري كيف و متى ستلاقي الأرض نهايتها. التفكير و التكهن بهذا الحدث كان و لا يزال من أهم الأمور التي تشغل الديانات الكبرى : فكلها لديها بعض الأفكار عن كيفية لقاء البشر بخالقهم. في الواقع أن " يوم الحساب " هو وسيلة الخالق لتطهير كوكبنا و خلق جنس جديد أكثر نقاوة منا ليعيش على الأرض، إذ أن الذنوب و التهتك قد جاوزت حدودها و آن الأوان للبدء من جديد . إن قصص الكبريت و الحرائق و الآلهة تقدم حكايات جيدة تثير مخاوف البشر من الهلاك، إلا أن حكايات يوم الحساب المفتعلة لا تساوي شيئا إذا ما قورنت مع ما يمكن حدوثه فعلا. إذا ما نظرنا بعين العلم فسنرى أن " النهاية " تسبب قلقا اكبر . منذ بدء الحياة على الأرض قبل ما يقارب ثلاثة مليارات سنة و نصف، كان الوجود الهش يعيش في ظل الدمار و الإبادة، فالانقراض هو المعيار في هذا الكوكب. فمن بين أربعة مليارات جنس نشأت على هذه الأرض لم يبق منها سوى واحد في المئة. و خلال الخمسمائة مليون سنة الماضية حدث الانقراض لخمس مرات . شيء مجهول حّول الأرض بلمح البصر إلى كوكب لا يصلح للحياة . واحد أو أكثر من تلك الانقراضات حدث بسبب سيناريوهات كبيرة ليوم الحساب من طراز أفلام هوليود . فإذا ما اصطدم جرم كبير بالأرض، مثلا ، فان الاصطدام سيسبب زلازل ضخمة يمكن أن تهز العالم كله، و تملأ الهواء بأتربة تحجب أشعة الشمس لسنوات عدة، و بالنتيجة تدمر موارد الغذاء مما يقود إلى المجاعة . لقد حدث ذلك من قبل: فقد انقرضت الديناصورات من على وجه الأرض قبل خمس و ستين مليون سنة بسبب جرم سعته عشرة كيلومترات اصطدم بالأراضي المحيطة بالمكسيك . تقول مونيكا غريدي، خبيرة النيازك في الجامعة المفتوحة، إنها ليست مسألة " إذا " و إنما مسألة "متى" يصطدم نيزك قريب بالأرض و يدمر هذا الكوكب. الكثير من النيازك الصغيرة تتفتت عند وصولها إلى محيط الأرض، لكن هناك نيزكا تبلغ سعته اكثر من كيلومتر واحد سيصطدم بالأرض كل بضع مئة ألف سنة، و آخر اكبر من ستة كيلومترات سيصطدم بها كل مائة مليون سنة مما قد يسبب انقراضا جماعيا ( طبعا نحن بعيدون عن هذا الحدث). الكوارث الطبيعية الأخرى تشمل التغيرات المفاجئة في المُناخ آو الانفجارات البركانية الكبيرة. كلها قد تسبب كوارث عالمية تتلاشى فيها أجزاء كبيرة من حياة الكوكب، لكن بما أننا بقينا أحياء على مدى مئات الآلاف من السنين و نحن مهددون بهذه الكوارث فمن غير المحتمل أن يحصل شيء خلال القرون القليلة القادمة . بالإضافة إلى ذلك فان تهديدات الفضاء لوجودنا كانت دائما موجودة معنا، رغم إنها أحيانا تجعلنا نكتب عن اصطدام مجرتنا" درب التبانة" ، مثلا، مع الكوكب المجاور " المرأة المسلسلة" . الأمر الشائع في كل هذه التهديدات هو أننا لا نستطيع فعل شيء حيالها حتى مع علمنا بوجود الخطر عدا محاولة معرفة كيف سنعيش بعد الحدث . لكن في الحقيقة، أن الأكثر خطورة على البشر قد يأتي من أفعالهم. إن جنسنا له قدرة فريدة في تاريخ الحياة على الأرض و هي أننا أول من يستطيع إعادة بناء العالم، لكن في نفس الوقت يمكن أن ندمره أيضا . إن مخاطر الوجود تعتبر ظاهرة جديدة نسبيا. يكتب نك بوستروم، الفيلسوف و مدير معهد مستقبل البشرية في جامعة أكسفورد قائلا " باستثناء النيزك المدمر للجنس البشري أو اصطدام احد الأجرام، لم تكن هناك مخاطر كبيرة في تاريخ البشرية حتى منتصف القرن العشرين و بالتأكيد لم يكن باستطاعتنا أن نفعل شيئا حيالها" .إن التهديدات التي يسببها البشر هي تهديدات فعلية نجمت عن تغيير المُناخ و التلوث المفرط و استنزاف الموارد الطبيعية و جنون الأسلحة النووية . نحن ننشغل بالجينات و الذرات على حساب هلاكنا. تقنية الخلايا و علم الأحياء التركيبي وتعديل الجينات تقدم لنا غذاء أفضل ودواء أكثر أمانا و عالما أنظف، لكنها في ذات الوقت قد تضرنا إذا ما أسأنا تطبيقها أو استخدمناها بلا عناية. حذر مارتن ريز، عالم الفلك البريطاني والرئيس السابق للجمعية الملكية، في كتابه لعام 2003 " قرننا الأخير " من احتمال بقاء الحضارة البشرية إلى ما بعد 2100 لا يتجاوز 50% يقول بوستروم إن أول مخاطر الوجود التي صنعها الإنسان، كان التفجير الأول للقنبلة الذرية. في حينها كانت هناك مخاوف من أن ذلك التفجير سيولد سلسلة من ردود الفعل من خلال "قدح شرارة" المحيط رغم علمنا باستحالة ذلك ماديا . نقاط الخطر المهمة مازالت تأتي من الانجازات الناجحة لماضينا القريب. فمجتمعنا مرتبط و مبرمج بشكل لم يسبق له مثيل مما جلب لنا فوائد كبيرة من حيث التجارة و المعرفة و التعليم و الاتصالات. إلا أن
هل اقتربت نهاية العالم حقا؟
نشر في: 28 نوفمبر, 2011: 07:59 م