TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الحُسين.. الثورة التي لا تنطفئ

الحُسين.. الثورة التي لا تنطفئ

نشر في: 4 ديسمبر, 2011: 06:40 م

حسين علي الحمدانيفي العاشر من محرم من كل سنة هجرية تتدفق الأسئلة لدواخلنا باحثة عن أجوبة لها، وكل منا لديه من الأسئلة الكثير، نبحث عن الإجابات بين ثنايا كتب التاريخ وبين أسطرها التي مررنا عليها في سنواتنا السابقة.ولكننا اليوم ونحن نعيش أجواء الربيع العربي الذي أسقط طغاة من عروشهم وجعلهم لمزبلة التاريخ يذهبون بعد أن أمضوا ما أمضوه في الحكم والطغيان، ونحن في هذا الجو الثوري العربي، يأتي إلينا العاشر من محرم الحرام، تكون الأجوبة حاضرة بيننا عن أسئلة كنا نطرحها باحثين عمّن يجيب عليها ويترجم الإجابة هذه لأفعال ملموسة.
في السنوات الماضية كنا نكتب عن ثورة الأمام الحُسين عليه السلام، ربما كنا نكتب لأنفسنا، وواجبنا اليوم أن نكتب للآخرين الذين كانوا يسألوننا من هو الحُسين؟ كنا نجيبهم، ولكن إجاباتنا كانت تصادرها مقاص الرقباء في الأنظمة التي تهاوت فلا تصل لمن نريد إيصالها لهم فتبقى الأسئلة بلا جواب.كان البعض يتصور بأن الحُسين إمام الشيعة وحدهم،وبالتالي يجردونه من إنسانيته ومن فروسيته وإسلاميته، وربما كان البعض يستهزئ بنا ونحن نبكي مصاب الحُسين عليه السلام، ربما وصفونا بالجهَلة وما طاب لهم من أوصاف،وهم معذورون في ذلك لأنهم لا يعرفون من هو الحسين؟ ذات مرة سألني أحد الأشقاء العرب.. من هو الحُسين؟ حين قلت له إنه ابن علي بن أبي طالب وأمه فاطمة الزهراء وجدّه الرسول الكريم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام.. لم يصدق!! ومبعث عدم تصديقه بأنه لم يقرأ شيئاً عن الحُسين، كل ما يعرفه عنه هو ما تعمله في مدارس الحكومة في منهج التاريخ، بأن ثمة معركة وقعت سنة 61 هجرية بين (خارجين على ولي الأمر) وبين ولي الأمر الذي هو الخليفة، انتهت بمقتل هؤلاء في غضون ساعات قليلة؟ من هؤلاء؟ هذا هو السؤال الذي ترفض كتب التاريخ المدرسية أن تذكرهم،أو بعبارة أدق يرفض الطغاة أن يذكروهم.هؤلاء آل بيت النبي الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) بينهم الطفل، والشيخ،والشاب،لم يخوضوا معركة تقليدية، لأنه في المعارك التي نقرأ أحداثها لا يصطحب العسكر عوائلهم معهم ولا أطفالهم،وقبل هذا وذاك يعدون عِدة القتال، ولكن في واقعة كربلاء، لم تكن هنالك ثمة معركة بل هنالك كانت شرارة ثورة لابد منها، هذه الشرارة ظلت حتى هذه اللحظة متّقدة في عروق كل المظلومين في الأرض،تمنحهم الأمل بأن الإنسان الثائر هو المنتصر في النهاية.وربيع العرب أثبت بأن الطغاة يتساقطون كأوراق الخريف، يتساقطون بإرادة إلهية تبعث في جسد الشعوب المتطلعة للحرية، الشعوب الرافضة للظلم والاستبداد والذل، فتكون صيحة الثوار في ساحات التحرير وميادينها مدوّية تتلقفها السماء وتتعامل معها على أنها دعاء المظلومين، والمظلوم هو الذي ينتصر، غاندي هذا الرجل الهندي يقول تعلمت من الحسين أن أكون مظلوماً لأنتصر.اليوم حين نستذكر العاشر من محرم الحرام، علينا أن نستذكره بوجه آخر وننظر إليه من زاوية أخرى، زاوية الثورة وزاوية الحرية وزاوية تساقط الطواغيت عن عروشهم، وقبل هذا وذاك ننظر لدواخلنا التي استحضرت قيماً حاول البعض تغييبها عنا سنوات طويلة، هذه القيم حين استحضرناها، بعثت فينا أشياء كثيرة، أولها تحطيم جدران الخوف في دواخلنا، والخوف من قمع الطغاة، فكانت قوافل الشهداء في طريق الحرية تتقدم مواكبنا ونحن  نطالب برحيل الطغاة عن عروشهم التي قيدت الشعوب وصادرت حقوقهم، حين استحضرنا جزءاً من قيم ثورة الإمام الحُسين ومبادئه العظيمة، تمكنا من أن نستعيد حقوقنا وأولها حقنا في رفض الباطل، ورفض الظلم،وعدم الاستكانة إليه.قبل 1400 سنة وبالتحديد عام 61 هجرية دوت صرخة ثائر ملأت أرجاء الأرض، الثائر الأول في التاريخ الإنساني، ثائر لم يكن يطلب سلطة وعرشا يعتليه،بل كان يطلب الإصلاح في أمة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يجد من ينصره (ألا من ناصر ينصرنا)، سبعون ونيّف كانوا معه؛ وسبعون ونيّف من أمة دخلت الإسلام أفواجا، سبعون ونيّف كانوا قادرين على أن يوصلوا الثورة لمدياتها التي وصلتها، لم نفكر بأنهم منحونا قبل 1400 سنة ربيع الحرية، وربيع العدالة، وربيع الإنسان.إنه الإصلاح الذي تطالب به الشعوب بعد كل هذه القرون،لتؤكد أن ثورة الأمام الحُسين ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا، وستظل جذوتها متّقدة حتى يزول الظلم والظالمون.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram