حازم مبيضينيؤشر الاشتباك بين الجيشين الأردني والسوري عند المنطقة الحدودية بين البلدين, وإن كان محدوداً, توتراً لم يعد مشوباً بالحذر, وإلى استعداد عند الجانبين للجوء إلى لغة السلاح, وهو استعداد يمكن تفسيره أردنياً بالفهم العشائري لحماية الدخيل, وهو ما تبنته الرواية الأردنية التي قالت إن عائلة سورية من ثلاثة أفراد حاولت اللجوء إلى الأراضي الأردنية,
لكن الجيش السوري أطلق عليها النار, ما أدى لإصابة المرأة بجراح, وتم إسعافها بعد تعامل القوات المتواجدة في المنطقة مع الحادث بما يقتضيه الواقع, فيما يمكن تفسيره طبقاً للرواية السورية بأنه دفاع مشروع ضد متسللين مسلحين, حاولوا العبور إلى الأراضي السورية, وعند اكتشاف أمرهم, حاولوا العودة إلى الأردن بحماية الجيش الأردني, ما نتج عنه الاشتباك الذي تسبب بجرح حوالي عشرين عسكرياً أردنياً.في واقع الأمر, لم يكن لهذا الاشتباك أن يحدث لو لم يكن هناك جنود يدهم على الزناد, ومستعدون للقتال, علماً أن التواجد العسكري على هذه الشاكلة في تلك المناطق الحدودية, لم يكن معروفاً ولا مألوفاً قبل اندلاع الأحداث الراهنة في سوريا, وفي هذا التواجد دلائل على استعداد عند الطرفين للوصول إلى هذه النتيجة, وهي نتيجة مؤسفة بكل الأحوال, والمؤسف أكثر أن ينفخ الاعلام في الحادثة بدل تطويق ذيولها, ولنا في التعليقات على المواقع الالكترونية أكثر من اعتراض على اللغة المتشنجة والبذيئة التي يلجأ إليها طرفان كانا على مدى التاريخ طرفاً واحداً, حتى أن بعض من يلجؤون من العائلات السورية يقيمون عند أقاربهم الأردنيين, ولا يحتاجون إلى رعاية من أي جهة, سواء كانت حكومية أردنية, أو دولية تعنى بشؤون المهاجرين.يمكن للمراقب أن يفهم من ذلك أن السلطات السورية ماضية في التصعيد, وإلى حد نقل الأزمة الداخلية الراهنة إلى دول الجوار, خصوصاً إذا شعرت أن تلك الدول تسمح بمرور أسلحة ومناوئين لها بطرق غير شرعية, والمعروف أنها اشتبكت مع مثل هؤلاء عند حدودها مع تركيا, وإن لم يصل الأمر إلى حد اندلاع قتال مع الجيش التركي, كما أن الجيش السوري عبر الحدود مع لبنان أكثر من مرة لمطاردة واعتقال معارضين لسياسات البعث الحاكم, غير أن الظروف على الحدود مع لبنان تختلف كثيراً وجذرياً عن الواقع القائم عند الحدود الأردنية, وليس هناك شك في أن من حق وواجب الجيش السوري حماية حدوده و البلاد من التهريب, خاصة إن تعلق الأمر بالسلاح, لكن غير المنطقي ( إن صحت الرواية الأردنية ) الدخول في معركة لمنع امرأة وطفلها وزوجها من المغادرة وإن بشكل غير شرعي. حادثة الاشتباك عند الحدود الأردنية السورية لها ما بعدها, إن لم تطوق ذيولها سريعاً, خاصة أنها تزامنت مع فرض الجامعة العربية عقوبات اقتصادية ضد النظام السوري, سيتأثر بها المواطنون دون شك, وأنها أتت بعد تصريحات العاهل الأردني المواربة عن تنحي بشار الأسد, وأنها تأتي وهذا هو المهم بعد التلويح الجدي بتدخل أممي في الأزمة السورية الراهنة. حمى الله سوريا والسوريين.
في الحدث: توتّر واشتباك وروايتان
نشر في: 28 نوفمبر, 2011: 08:26 م